قال ساهر: «كتاب يا سيدي.»
قال الأمير عبد الله: «من الذي أرسله؟»
فتقدم ساهر به إليه وهو يقول: «من مولانا ولي العهد.»
فمد الأمير عبد الله يده وتناول الكتاب من ساهر، فعلم من عنوانه أنه من أخيه الحكم، فاختلج قلبه في صدره تطلعا لما عساه أن يكون فيه، ولا سيما أنه بعث به إليه في تلك الساعة، وكانت يداه ترتعشان وهو يفضه، وتطاول الحاضرون بأعناقهم وهم يتكهنون بما يحويه الكتاب، سوى سعيد، فإنه كان يعرف ما يحويه، ولم يفته خبر الكتاب الأول لأنه هو الذي حفز ولي العهد على كتابته دون أن يشاهده، ولكنه استخدم في الوصول إلى ذلك دهاءه وحسن تدبيره.
ففض الأمير عبد الله الكتاب وقرأه، ولم يتمالك أن رمى به إلى سعيد وقال له: «لقد صدق ظنك بأخينا ولي العهد؛ هذا هو كتابه، اقرأه.»
فتناول سعيد الكتاب وهو يقول: «وهل أقرؤه بصوت مسموع؟»
قال الأمير عبد الله: «اقرأ، فليس فينا من يحسن الحذر منه.»
فأخذ سعيد يقرأ الكتاب والجميع منصتون:
من الحكم ولي العهد، إلى أخيه الأمير عبد الله
أما بعد، فإني استبعدت أن تكتب إلي بما كتبت، وكدت أنكره عليك لو لم يكن بخطك وعليه خاتمك. أطلب منك جارية فتضن بها علي؟! وأنت - رعاك الله - لا تجهل منزلة أخيك ولي العهد لدى أمير المؤمنين، فإذا قرأت كتابي هذا فأرسل الجارية مع رسولي الليلة، وعهدي بفطنتك وحسن تدبيرك أنك فاعل إن شاء الله، والسلام.
अज्ञात पृष्ठ