ففهم مراده، فقال: «كنت ساهرا، وقد رأيت ساهرا يدخل القصر بملابس بعض الوصفاء، فسهلت له الدخول على أن تتورط هي فتقع وقعة لا قيام منها.»
فأطرق سعيد، وفكر في نتيجة وقوع الزهراء في الذنب، فرأى أن الناصر يغضب عليها، فيتوسط هو في الصلح فيكون له فضل عليها يزيد رضاءها عليه، ويحب من الجهة الأخرى - إذا كان بينها وبين عبد الله تواد - أن يكون قصاصها على يد الناصر. فقال سعيد: «ومتى يعود الخليفة من قرطبة؟»
قال ياسر: «لا أدري، ولعله يعود في هذا المساء، وقد يبيت هناك الليلة أيضا ويأتي غدا، وعلى كل حال فأنا أنتظر رجوعه بفارغ الصبر.»
فقال سعيد: «ترى ماذا يفعل الناصر إذا تحقق مما بين الزهراء وبين ابنه من هوى؟»
قال ياسر: «أظن أنه يطردها، إذا لم يقتلها.»
فسكت وأظهر أنه يهم بالنهوض، فنهض ياسر وخرج وهو يقول: «وفق الله مسعانا.»
فلما خلا سعيد بنفسه أعمل فكره، فرأى أن سعي ياسر ضد الزهراء يفيده طالما كان حائزا على ثقة الخليفة يديره كيف يشاء ، فقرر أن يترقب الفرص.
أما ياسر فجعل همه في ذلك اليوم مراقبة الأبواب، لعله يرى عبد الله داخلا ليشي به إلى الخليفة وهو مجتمع بالزهراء، ولكنه كان يخشى أن يأتي عبد الله ويعود قبل رجوع أبيه من قرطبة، فبعث أحد الخصيان يسأل في قرطبة عن موعد رجوع الخليفة متى يكون، فعلم أنه سيعود بعد الغروب، فأعطى الأوامر ليكون القصر في تأهب لاستقبال صاحبه، وعاد إلى مراقبة الأبواب.
الفصل الثاني والستون
حديث ذو شجون
अज्ञात पृष्ठ