قالت الزهراء: «نعم يصدقني.»
قال سعيد: «لا، ومع ذلك فإن الخطر يظل يهدد أخاك؛ لأن الناصر حين يعلم بوجوده يبعث إليه فيطلب رأسه، فالأحسن أن تتبصري.»
فاقشعر بدنها وخافت على أخيها، وتجلدت وكظمت، وقالت: «ها أنا متبصرة، فقل ما هو خبر أخي.»
فتقدم نحوها ونظر إلى عينيها نظرة استرضاء، وقال: «إني أشكو إليك غرامي بك وفنائي في خدمتك، وأنت تشتمينني وتهددينني. تأملي الفارق بيننا! أما أخوك فقد سألتني عن اسمه، وقلت لك إن له اسمين، ذكرت أحدهما، ولم تسأليني عن الآخر.»
قالت الزهراء: «وما هو الاسم الآخر؟»
قال سعيد: «اسمه صاحب النقمة.»
وكانت تعلم أن ذلك اسم رجل من أشد أعداء الناصر، وأكثرهم سعيا في خلعه، وقد قام بتحريض العرب والبربر على مناوأته، وإخراج الدولة من يده، وقد بذل الناصر الأموال وبث الجواسيس للبحث عنه فلم يظفر به؛ ولذلك لم تشك في أن الناصر حين يسمع به يأمر بقتله، ولو عرف أنه أخوها قد يغضب عليها من أجله. لكنها برغم ذلك، ظلت تظن أن سعيدا يكذب تخويفا لها، فلما ذكر اسم أخيها هذا أظهرت الاستخفاف، وقالت: «لا يمكن أن يكون هذا الرجل أخي، إنك تخدعني كي تحقق غرضك. دع عنك هذا وارجع، وأنا أعدك إذا رجعت عن غيك وأفدتني عن حقيقة حال أخي (وتنهدت) أني أعفو عنك وأكتم أمرك.»
قال سعيد: «يا سيدتي، أو يا حبيبتي، إني لا أكذب. إن صاحب النقمة هو أخوك سالم نفسه، وإذا شئت أتيتك بالدليل المحسوس.»
قالت الزهراء: «وما دليلك؟»
قال سعيد: «دليلي قريب. ألا تعرفين خط أخيك؟»
अज्ञात पृष्ठ