قالت الوصيفة: «ماذا أفعل؟ ماذا تريدين أن أفعل لراحتك؟»
قالت الزهراء: «إن الذي يريحني لا تقدرين عليه.»
فأطرقت الوصيفة هنيهة، وكأنها تذكرت سبب ذلك القلق وقالت: «أظنك عدت إلى الحديث القديم! إن تلك الذكرى يا سيدتي لا فائدة منها؛ إن أخاك لا سبيل إليه، وقد آن لك أن تنسيه.»
فمدت الزهراء يدها إلى فم الوصيفة كأنها تحاول أن تسكتها وقالت: «لا تقولي ذلك، كيف أنساه وأنا لا أزداد إلا تذكرا؟! إني أتذكر صباي يوم حملت من صقلية مع أخي كما أخبرتك مرة، أتذكر الآن وجهه الصبوح، وقد أخذ بيدي ووقف إلى جانبي على ظهر السفينة وهي تقلع من مياه صقلية. يا ليتنا بقينا في تلك الجزيرة ولم ننتقل منها! يا ليتنا غرقنا معا في تلك المياه!»
قالت الوصيفة: «ولكن انتقالك كان سببا في وصولك إلى هذه النعمة التي يحسدك عليها أقرانك، بل يحسدك عليها نساء العالمين.»
قالت الزهراء: «هذا صحيح، ولكن ينقصني وجود أخي ليتمتع بهذه السعادة معي. آه من ينبئني عن مكانه! هل هو حي أم ذهب طعاما للأسماك!» ومسحت عينيها بطرف كمها.
قالت الوصيفة: «لا يعلم ذلك إلا الله، ولو كان حيا لعلم بمقامك وجاء إليك.»
قالت الزهراء: «كيف يعلم وهو لا يعرف اسمي هذا، هو لا يعرف اسمي الزهراء، وإنما يعلم أن اسمي «حسناء»، فلو كنت معروفة بهذا الاسم لبلغه خبري.»
فقالت الوصيفة: «صحيح، وأين افترقتما يا سيدتي؟ هل تخبرينني لعلي أستطيع أمرا ينفعك! هل تكاشفينني؟»
فقالت الزهراء: «فارقته في عرض البحر، اختطفني القرصان ونحن على تلك السفينة، ولا أعلم ماذا فعلوا بأخي.»
अज्ञात पृष्ठ