अब्दुल रहमान नासिर

जुर्जी ज़ैदान d. 1331 AH
152

अब्दुल रहमान नासिर

عبد الرحمن الناصر

शैलियों

كانت الزهراء وهي نائمة على جنبها تتذكر أيام صباها في تلك الجزيرة، وكيف دهشت لما شاهدته هناك من مظاهر المدنية مما لم تكن عيناها قد وقعت على شيء مثله من قبل؛ لأنها نشأت بين الجبال والأودية ترعى الماشية أو تذهب للاحتطاب، ومع ذلك فقد كانت سعيدة هناك، وكانت أسعد الأوقات عندها عندما ترجع مع أخيها، وهما يتعاونان في نقل حمل من القش أو العيدان أو يسوقان بعض الماعز، وأبواهما ينتظرانهما في كوخ حقير، فيشعلون تلك العيدان ويحومون حولها للدفء. وكان يلذ لها أن تذكر ذلك الدفء مع الدخان المتصاعد حتى يكاد يعمي الأبصار، أكثر مما يلذ لها الاستلقاء على ذلك الفراش اللين مع ما يغشاه من الكلل المطرزة والستائر الموشاة، وما يتضوع في جو تلك الغرفة من الطيب.

فلما تذكرت ذلك تنهدت، وقد ضاق صدرها، فدفعت الغطاء عنها وتحولت إلى الجانب الآخر، وأخذت تناجي نفسها: «ويلاه ما هذه الهواجس! آه ما أجمل تلك الجبال الجرداء، وما أشهى رائحة دخان العيدان، وأنا بقرب أخي وحبيبي!» ولما ذكرت أخاها جلست على الفراش فجأة، والتفتت إلى ما حولها على ذلك النور الضعيف، فرأت الوصيفة التي تنام عند قدميها لا تزال جالسة كأنها شعرت أن الزهراء لم تنم بعد، فظلت جالسة لعلها تحتاج إليها في شيء.

أما الزهراء فلما رأتها أجفلت؛ لأنها كانت تود أن تكون وحدها لعلها تطلق لأشجانها العنان.

الفصل الحادي والخمسون

حديث عن الصبا

وكانت تلك الوصيفة أحب وصيفاتها إليها، وقد فتحت لها قلبها واتخذتها أما وأطلعتها على بعض أسرارها، ولم تكد الزهراء تجلس على الفراش حتى نهضت الوصيفة واقفة تتوقع أمرها بما تريده، فنادتها الزهراء قائلة: «ألا تزالين جالسة يا خالة؟»

فقالت الوصيفة: «كيف أنام يا سيدتي وأنا أراك تتقلبين على فراشك؟ هل تحتاجين إلى خدمتي؟»

قالت الزهراء: «كلا.» وفي رنة صوتها دليل على شيء تكتمه.

فقالت الوصيفة: «يظهر لي أنك تحتاجين إلى شيء؟»

فتنهدت الزهراء وقالت: «نعم، ولكن ...»

अज्ञात पृष्ठ