فأسرع سعيد إلى طي الكتاب، ووضعه في جيبه وقال: «هي في دار مولاي بقصر المؤنس في رعاية عبدك ياسر.» قال ذلك وقد سره اكتفاء الخليفة بما قاله.
فقال الناصر: «سنبعث إليه أن يهيئ لنا الجارية، ويحضرها الليلة إلى بيت المنام في المجلس الشرقي (المؤنس).»
فأدرك سعيد أنه قد آن وقت الانصراف، فتحفز للنهوض وهو يقول: «هل يأذن سيدي أن أدربها على شيء تقوله في حضرته؟»
قال الناصر: «لا بأس. افعل ما تريد.»
الفصل السابع والثلاثون
سعيد وعابدة
فخرج سعيد بعد أن حيا وتأدب على جاري العادة، ومشى في الإيوان، والخصيان وقوف بأسلحتهم وملابسهم.
ولم يكد يخرج من الباب حتى لقيه ياسر، ومعه رجل عرف سعيد من ملابسه وقلنسوته أنه سليمان أبو بكر بن تاج طبيب الناصر، وكان سعيد يعرفه ويعرف مهارته في الطب ومنزلته عند الناصر بعد أن شفاه من رمد أصيب به، فحياه وابتدره ياسر قائلا: «ألم تعرف هذا الطبيب؟»
قال سعيد: «كيف لا؟ أليس هو أبا بكر بن تاج الحكيم النبيل؟»
فهش له الطبيب وصافحه وقال: «لله درك! صدق الأستاذ ياسر؛ إنك لا تجهل شيئا، وقد سرني أن لقيتك الساعة، وأنا أعلم بمهارتك في معرفة الكتب، وقد سمعت بكتاب في الطب قيل لي إنه أكمل الكتب وأحسنها .»
अज्ञात पृष्ठ