अब्दुल नासिर और मिस्र का वामपंथ
عبد الناصر واليسار المصري
शैलियों
إن الأسلوب الفردي الذي ينقد من أجله التجربة الناصرية عام 1975م، لم يكن من سلبيات التجربة عام 1970م؛ لأن مجلة «الفكر المعاصر» كانت ترى أن عبد الناصر كان «الكل في واحد والواحد في الكل.» (2)
إن الدموع التي انهمرت من أعين الشعب عام 1970م كانت في نظر «الفكر المعاصر» دموع نفوس مفجوعة عارفة بالجميل لرجل أعطاها من حبه واحترامه، وترك لها إرادة الصمود والإصرار على الانتصار، لكن نفوس هذه الجموع لعام 1975م، هي نفوس هذه الجموع لعام 1975م، هي نفوس شعب دمرت معنوياته تدميرا مروعا. (3)
إنه على الرغم من أن غالبية الشعب لم يصل إليها شيء من خيرات الثورة التي فجرها عبد الناصر فإن مجلة «الفكر المعاصر» لعام 1970م، قد دعت الجماهير إلى أن تواصل الركب، وتتشبث بأعلامه التي هي أعلام الثورة، ولكن في عام 1975م أصدر د. زكريا حكما بالإدانة الكاملة على التجربة الناصرية (لاحظ أنه في عام 1970م كان ما فعله عبد الناصر منذ 1952م هو أنه فجر «ثورة») أما في عام 1975م فقد انكمشت هذه الثورة إلى تجربة ناصرية بائسة وفاشلة. (4)
إنه في عام 1970م وكما تشير إلى ذلك «الفكر المعاصر» كنا نعيش مرارة الهزيمة، لكن عبد الناصر ترك للشعب إرادة الصمود مع الانتصار، ولكن في عام 1975م اكتشف د. فؤاد زكريا أن التجربة الناصرية تركت الشعب مجردا حتى من الشعور بالأمل في المقاومة، أي مقاومة، وفي أن تغييرا يمكن أن يحدث.
وربما اعترض د. زكريا بقوله إن الكلام الذي استشهدنا به لم يكن يعبر عن رأيه الشخصي بقدر ما كان يعبر عن رأي «هيئة تحرير» المجلة التي كان يرأس تحريرها، فليكن! ولنأت إلى مقال آخر صريح بقلم د. فؤاد زكريا تحت عنوان كلمة عن المستقبل (الفكر المعاصر - العدد 69 - نوفمبر 1970م).
يبدأ مقال الدكتور بفضح دعايات الأعداء الذين زعموا أن مصر تعاني من الفراغ بعد رحيل القائد، ويرد الدكتور على مزاعم الأعداء بقوله: إن أي مقارنة بين الماضي والحاضر تبين أن ما يميز الحاضر (1970م) هو الامتلاء لا الفراغ.
ودلل الدكتور على ما ذهب إليه بقوله:
إن هذا يتضح، إذا قارنا بين اتجاهات عقولنا قبل 1952م، وبين اتجاهاتها الراهنة.
ثم قال الدكتور بالنص: «فقبل عام 1952م، كان التفكير في العدالة الاجتماعية يتخفى ويتسرب تحت الأرض، وكانت الاشتراكية معنى محرما، تعاقب عليه قوانين الدولة، وكانت الملكية الخاصة - سواء الزراعية منها أو الصناعية - حقا مقدسا لا يمس، مهما بلغ مقدار استغلالها أو وقوفها في وجه النمو المنطلق للمجتمع، وكانت أبواب البلاد مفتوحة على مصراعيها أمام الاستثمارات الأجنبية دون أن يتساءل أحد عن مدى التعارض بين هذه الاستثمارات وبين رغبتنا في تنمية اقتصادنا على نحو مستقل. أما اليوم، فإن الاشتراكية والعدالة الاجتماعية هي السياسة الرسمية للدولة، والاقتصاد الوطني يعرف كيف يميز بين المساعدة الآتية من الأصدقاء وبين الاستغلال الذي يعوق نموه ... والملكية الخاصة قد تكشفت وظيفتها الاجتماعية، ولم تعد تحاط بهالة القداسة التي كانت تمنع المجتمع من تقليم أظافرها.»
وبعد أن يتحدث الدكتور - في مقاله - عن المعالم الإيجابية في سياسة مصر الخارجية، يخلص من ذلك كله إلى أن: «هذه الوقائع الموضوعية، بناء على هذه الوقائع، تغير تفكيرنا، وأصبحت له أسس ومحاور جديدة. ولما كانت هذه الأسس تستجيب لرغبات شعبية طاغية، فقد أصبح الجميع يتبنون شعاراتها، ويجهرون بالدفاع عنها، ويتقربون إلى الناس عن طريقها.»
अज्ञात पृष्ठ