الحجة الخامسة: السماء والزمان معا، وليس السماء ما لم يكن الزمان، ولا الزمان ما لم تكن السماء. والزمان لم يكن حين لم يكن فيه، ولا يكون حين لا يكون فيه. وذلك أنه إن كان حين لم يكن فيه زمان فيشبه أن يكون حين لم يكن زمان قد كان زمان، لأن ما قيل فيه إنه موجود حينا فإنما يقال فيه إنه موجود حينا من قبل أنه غير موجود حينا، وليس هو أبدا موجودا ولا أبدا غير موجود بل حاله حال وسطى فيما بين هاتين الحالتين، وحيث كان حين فهناك زمان. وإن كان قد يكون حين لا يكون فيه زمان، حتى ينتقل من أن يكون حينا إلى أن لا يكون حينا، فحين عدم الزمان يكون حينئذ حين لا يكون زمان، لأن «حينا» دال على زمان. فإن كان لم يكن حين لم يكن فيه زمان، ولا يكون حين لا يكون فيه زمان — وذلك أن عدم الزمان فى الجهتين جميعا يكون مع وجود الحين، والحين دال على زمان — فالزمان إذا أبدا موجود. وذلك أن نقيض «حين» إما «أبدا» وإما «ولا فى وقت من الأوقات». غير أن قولنا «ولا فى وقت من الأوقات» محال، وذلك أن الزمان موجود لا محالة؛ والزمان إذا أبدا موجود. والسماء مع الزمان، وذلك أنه مقدار حركة السماء: فكما أن الدهر مقدار حياة الحى بذاته، فإن هذا أيضا مما يتبين به أن الزمان أبدا موجود، كيلا يكون الدهر إما ليس بمثال لشىء أصلا إن كان الزمان غير موجود والدهر موجود، وإما ألا يكون هو أبدا دائم البقاء لانتقاله من ألا يكون مثالا إلى أن يكون مثالا، أو من أنه مثال إلى أن لا يكون مثالا. فالسماء إذا موجودة أبدا كمثل الزمان، لأنها قريبة، فلا قبل الزمان ولا بعده تكونت، بل كما قال هو: الزمان كله كانت وتكون هى.
[chapter 6]
पृष्ठ 39