बुरहान फ़ी वुजूह बयान
البرهان في وجوه البيان
शैलियों
وأما السفهاء والجهال. فاستعملوه للخلاعة والمجون، ومتابعة الهوى، وذلك المذموم الذي قد عاب الله - سبحانه - مستعمله، ومدح المعرض عنه. فقال فيمن عابه: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما} وقال : {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا} وقال فيمن مدحه بالإعراض عن ذلك: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه} وقال في موضع آخر: {وإذا مروا باللغو مروا كراما}، وقد أوصت العلماء بتجنب هذا الفن من الهزل فقالوا: "إياك والمزاح، فإنه يجري عليك السفلة" وقالوا: "المزاح: السباب الأصغر". وقال أمير المؤمنين عليه السلام: "من أكثر من شيء عرف به، ومن كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به" وأما السخيف من الكلام: فهو كلام الرعاع والعوام الذين لم يتأدبوا، ولم يسمعوا كلام الأدباء ولا خالطوا الفصحاء، وذلك معيب عند ذوي العقول لا يرضاه لنفسه إلا مائق جهول، إلا أن الحكماء ربما استعملته في خطاب من لا يعرف # غيره طلبا لإفهامه، كما أنه ربما تكلف الإنسان لمن لم يحسن العربية بعض رطانة الأعاجم ليفهمه، فإذا جرى استعمال هذا اللفظ السخيف هذا المجرى، وغزى به هذا المغزى كان جائزا، وللفظ السخيف موضع آخر لا يجوز أن يستعمل فيه غيره، وهو حكاية النوادر والمضاحك، وألفاظ السخفاء والسهاء، فإنه متى حكاها الإنسان على غير ما قالوا خرجت عن معنى ما أريد بها، وبردت عند مستمعها، وإذا حكاها كما سمعها وعلى لفظ قائلها وقعت موقعها، وبلغت غاية ما أريد بها، فلم يكن على حاكيها عيب في سخافة لفظها.
पृष्ठ 201