بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة المؤلف]
رب يسر وأعن ياكريم، عليك أتوكل وبك أستعين، ياخير معين.
يقول أفقر عباد الله، المعول في جميع أموره على الله علي (1) بن عبد الله بن القاسم بن أمير المؤمنين المؤيد بالله -وفقه الله-.
بعد حمد الله الذي أوجب حمده إحسانه، وألزم شكره إمتنانه، الأول فلا نهاية لأوليته، والآخر فلا غاية لأخريته، الدال على ذاته بمخلوقاته، وعلى كرمه بآلائه [وحسن صفاته](2)، وعلى شرائعه بأنبيا ئه الدالين على صراط مستقيم، وشرع عدل قويم، وصلواته وسلامه على من بعثه بدين علا على كل دين وفاق، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وعلى باب مدينة علمه، التابع له في فهمه وحكمه، الخليفة والوصي، أمير المؤمنين علي، وعلى آلهما المقعدين لقواعد المذهب السليم الموصل إلى جنات النعيم، والخير الأبدي العميم، الكثير الجسيم . وبعد:
पृष्ठ 18
فإنه حملني ما سمعت من جهلاء متفيقهين (متفيهقين)(1) إذا ذاكرتهم وجدتهم خالين(2)، يقولون لبعض من درس في المذهب الذي استقر، واعتنى به من غاب من الشيوخ و(من) (3) حضر ما وجه (4) تفرق المذاهب؟ وأيها الذي هو على الأصل الصائب؟ وما الدليل على [1أ-ب] صحته؟ وهل نسبته إلى إمام معين بذاته أم إلى أئمة كثيرين متفرقين؟ وهل (5) هم معروفون أم مجهولون؟ وكيف (صحت نسبة) (6) من انتسب إليه وهو لا يعول في كثير من المسائل عليه؟ وكيف العمل مع ما نجده من التقوية والتضعيف من مشايخ النظر عند المذاكرة في شيء من مسائل ذلك المذهب الشريف (7)؟ وهل يكون العامل به جميع المسلمين أم أناس منهم مخصوصين؟ ونحو هذا الذي إليه أشرنا أن أحرر على ذلك ما يكون -إن شاء الله تعالى- داعيا لمن له فهم وافر، وعلم متكاثر، ليجب على هذه الأطراف التي حوت هذه الأ وصاف، إذ لم أجد فيمن سبق أحدا تصدى لجوابها، (واعتنى بتبويب أبوابها)(8) وبين مقاصدها، وأصولها وفروعها، حتى تجتنى ثمار مسائلها، وما طاب من يانع تنابيهها[2-ب] وعذب من موارد فصولها، وحسن من فوائدها المتعلقة بأحكامها ، بما يكفي ويشفي؛ سوى أجوبة سؤالات مختصرات، لا تقربها بها مقلة، ولا يشفى بها علة، وليس عدم الوجد دليل على عدم الوجدان(9)، إذ قد يكون ذلك لعدم عرفان، ولعدم بحث في المضاف، فيكون ما نحرره (10) -إن شاء الله- طريقا لمن له براعة، ومثالا لمن هو أمهر في الصناعة، راغبا في قول الإله {ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله}[الطلاق:7] ورغبة أيضا في قوله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما أهدى المسلم لأخيه المسلم هدية أفضل من كلمة حكمة سمعها، ثم ينطوي عليها، ثم علمه إياها يزيده الله بها هدى (أو يرده عن ردى فإنها)(1) لتعدل إحياء [2أ-أ] نفس {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا})).قلت: قلت: رواه المنصور بالله -عليه السلام- في الجزء الثاني من الشافي.
قلت: ورهبة من توعده -صلى الله عليه وآله وسلم- «بقوله»(2) -عليه السلام- ((من كتم علما يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار))(3).قلت: قلت: وهو حديث مشهور ورواه في الشافي المنصور[بالله عبد الله بن حمزة].
(قلت)(4): وسميته بكتاب (بلوغ الأرب وكنوز الذهب [في معرفة المذهب](5) الذي عزب فهمه عمن ذهب).
पृष्ठ 20
قلت: قلت: مع اعترافي بالتقصير فباعى في العلم قصير؛ غير أني لم آت فيه بشيء من كيسى، ولا (مما ل)(1) يبلغه فهمي، ولا اخترت فيه من رأي من لا يؤمن أن يكون في رأيه مسيئا، مع إيضاحي فيه لأعظم مذاهب الفرق المسيئه خطرا؛ وحذرت من الركون إلى أهل البدع الغوية سرا وجهرا، ولم أرو فيه شيئا عمن يخبر (الكذب)(2) في الخطاب، فضلا عما له تعلق بالسنة والكتاب، إذ ليس أحد من صفوة العترة الطاهرين يسوغ ذلك، بل اعتمادي في الصحة على كتب السلف من الآباء الطاهرين، كتصانيف الإمام زيد بن علي -عليه السلام-، والمهدي: محمد بن عبدالله النفس الزكية، والإمام علي بن موسى الرضي والإمام القاسم بن إبراهيم الرسي، والإمام أحمد بن عيسى، والإمام الهادي إلى الحق يحيى الحسين، والإمام الناصر للحق الأطروش، والمؤيد بالله، وأبي طالب، وأبي العباس، والمرشد بالله، والإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة، ونحوهم من أهل الطبقة السابقة وممن عاصرهم أو تقدم عليهم سلام الله عليهم أجمعين إذ الأغلب أنما شملته تصانيفهم من الأحاديث النبوية -على صاحبها [وآله] أفضل الصلاة والسلام- مسندة بأسانيدهم الصحيحة، وطرقهم الواضحة إلى من أخرجوها عنه، وجمهور كتبهم طرق بلوغها [2ب-أ] إلى العصور المتأخرة مضبوطة معلومة معروفة، فقد أسند كل كتاب منها أو جمهورها والدنا ومولانا أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، المنصور بالله: القاسم بن محمد بن علي صاحب شهارة -عليه السلام- بعد سماعه لها على مشايخة(3)، وقد أخذها عنه ولده مولانا ووالدنا أمير المؤمنين المؤيد بالله: محمد بن القاسم، وقد أخذها عنه [صنوه](4) أمير المؤمنين المتوكل على الله:
पृष्ठ 21
إسماعيل بن أمير المؤمنين وغيره من أولاده (كذلك القاضي)(1): أحمد بن سعد الدين المسوري -رحمه الله- وغيره، ثم أخذها عدة من تلامذته كالشيخ العلامة[3-ب] أحسن بن أحمد المحبشي رحمه الله (والحسن)(2) بن صالح العفاري (3)، والفقيه: أحمد بن محمد الأكوع وغيرهم، وقد سمع بعضها واستجاز بعضها والدنا وعمنا [العلامة الإمام المنصوربالله: الحسين بن القاسم بن المؤيد بالله وصنوه الإمام العلامة: الحسن بن القاسم بن المؤيد ووالدي عبد الله بن القاسم رحمه الله وصنوهم](4) العلامة صارم الدين: إبراهيم بن القاسم بن المؤيد بالله رحمه الله وسمع عنه منها من سمع، وأجاز لمن أجاز من أهل العصر؛ وقد أودع طرقها في بعض مصنفاته.
قلت: قلت: وقد صح لنا بحمد لله طرق مذاهب الزيدية منا إلى خير البرية حسبما يأتي بيانه -إن شاء الله(5)- [ي الجزء الآخر]ونسأل الله الإعانة لتمامه(6)، وفراغ القلب من(7) الهموم المتراكمة، فإني شرعت في جمع هذا المجموع المبارك -إن شاء الله تعالى- وأنا غير مستقر الحال، وثم تبلبل(8) في البال [مع الاعتقال](9)، نسأل(10) الله التعجيل بالإفراج، فهو الذي يفزع إليه كل محتاج، وهو حسبي وكفى، وصلى الله على عباده الذين اصطفى، وعلى محمد وآله النجباء [الخلفاء](11).
قلت: قلت: وقد أسند طرقها إلى مصنفيها المنصور بالله -عليه السلام- في (الشافي) في الجزء الأول منه (وغيرها)(12) من كتب المحدثين من الأمهات الست وغيرها .
पृष्ठ 22
قلت: قلت: فإذا عرفت هذا فإن أهل العصور السابقين من صفوة العترة الطاهرين لايجيزون إرسال الحديث إلا لمن صح له منهم سنده فأما بعد صحته فإنهم يجيزون الإرسال للحديث، وسواء حكى الراوي أوله أو أوسطه أو آخره، قال المنصور بالله -عليه السلام- في آخر [3أ-أ] الجزء الثالث من (الشافي) قبل كراسين تبقى من آخره وذلك مالفظه: لأنا لا ننكر(1) جواز الإرسال فهو مذهبنا ورأي(2) الجمهور من آبائنا -عليهم السلام- ومن شاركهم من علماء الأمة، وعادة أهل العلم في المخاطبة والمحاورة والتصانيف عموما وكتبهم شاهدة ومع إجماعهم على ذلك أجمعوا على أنه لا يجوز رواية شيء من العلم عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولا الحكاية عن أحد من السلف ما لم يكن لراوي ذلك طريقا يوصله إلى من روى عنه؛ فإن فعل ذلك فاعل عد من الكاذبين وخرج عن زمرة الصالحين، وسلك غير سبيل المؤمنين(3). انتهى كلامه -عليه السلام- في هذا الموضع.
وقال -عليه السلام- في أول الكراس الثاني من أول جزء من أجزاء (الشافي)(4) وذلك بعد أن استدل على صحة العمل بأخبار الآحاد بما يطول بنا شرحه هنا وصححه لكن قال -عليه السلام-: ولا بد في جواز العمل به من ثلاثة شروط:
पृष्ठ 23
أحدها: أن يكون سليم الإسناد من المطاعن، سليم المتن من الإحتمالات، متخلصا من معارضات(1) الكتاب والسنة المعلومة؛ فإن كان على هذه الصفة عمل به ووجب ذلك ولم يجب اطراحه. قال -عليه السلام-: وعلى هذا المحصلون من علماء الإ سلام. ثم ساق الدليل على ذلك إلى أن قال: وإذا تقررت هذه الجملة فليرجع الكلام إلى بعض أحكامه(2)؛ لأن مصنف (الخارقة)(3) أنكر علينا إرسال الحديث إنكار من قطع على خطر ما سوى مذهبه ورأيه(4) وهذا خلاف أقوال أهل الفقه فإنهم وإن صوبوا أنفسهم فيما يذهبون إليه فإنهم لا يخطئون من خالفهم في رأيهم لدليل شرعي آخر اعتمده لولا ذلك لاكتفى الحنفي بالشافعي والشافعي بالحنفي في التضليل [3ب-أ] والتجهيل واستراح باقي الأمة.
فإذا كان الأمر كذالك، فلا بد أن نتكلم في الإرسال(5)، ومعنى الإرسال أن يروي الراوي الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بالإسناد الصحيح على شروطه المعتبرة -كما قدمنا- إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم. فإذا صح له ذلك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أو ذكر بعض الرواة دون بعض ميلا إلى الإختصار لبعض الأغراض؛ فمذهبنا أن ذلك يجوز ولا يعلم فيه خلاف بين العترة --عليهم السلام--[4-ب] ومن قال بقولهم وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه المتكلمين بلا خلا ف في ذلك بين من ذكرنا إلا ما يحكى عن عيسى بن إبان فإنه قال: تقبل مراسيل الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومن نزل عن درجتهم لم تقبل مراسيله إلا أن يكون إماما وخالف في ذلك الذين يتسمون بأصحاب الحديث والظاهرية وقد نسب ذلك إلى الشافعي؛ وتعليله هذه المقالة تقضبى بأنه يجيز قبول المراسيل ولكن لا على الإطلاق، وكان يقبل مراسيل سعيد بن المسيب.
पृष्ठ 24
قال -عليه السلام-: والدليل على صحة ما ذهبنا إليه أن العلة التي توجب قبول مسند الراوي هي قائمة في مراسيله وهي العدالة والضبط بدليل أن من عد ما فيه أو أحدهما لم يقبل خبره إن وجدا فيه قبل خبره؛ لأن حكايته للإسناد جار مجرى المتن، وإن قبل الإسناد مضافا إلى الخبر قبل الخبر مفردا عن الإسناد؛ ولأن الصحابة كانت ترسل -بلا إنكار- من بعضهم على بعض فلولا جواز ذلك في الشرع لما فعلوه وهم معلمون لمن بعدهم؛ والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه أن الصحابة -رضي الله عنهم اتفقوا على العمل بالمراسيل اتفاقهم على العمل بالمسانيد، ولأن الذي أوجب قبول الخبر مسندا يوجب قبوله مرسلا وهو العدالة [4أ-أ] والضبط ولأن الذي استدللنا به على قبول خبر الآحاد هو فعل الصحابة وهذا الدليل هو موجود في قبول مراسيل الراوي (1) انتهى ما أردت نقله من كلامه -عليه السلام- في هذا البحث.
قلت: [قلت : وقال ابن الإمام(2) في أثناء الكراس الخامس من بعد أول مقصد- بحث الخبر- في الغاية وشرحها على شرح قوله: ((والمختار قبول من غلب على الظن أنه لا يرسل إلا عن عدل لا غير؟)) ما لفظه وإن قلنا أنه -أي الإرسال- غير مقصور على قول التابعي فمرسلات الأئمة المعروفين بالأ مانة والحفظ كالهادي إلى الحق -عليه السلام- ومن في طبقتة من أئمة أهل البيت -عليهم السلام- وغيرهم مقبولة؛ وذلك لأن من ظاهر أحواله الثقة، والدين، والأمانة، يبعد أن يروي الأخبار الواردة في العبادات والأحكام الشرعية ممن لا يثق به من دون أن ينبه على ذلك ويدل عليه؛ لأن الغرض من روايتها الرجوع إليها، والعمل بموجبها (3). انتهى .
पृष्ठ 25
قلت: قلت: ووجدت في هامش شرح الغاية مما هو معلق على هذا البحث الذي هو قوله: ((والمختار قبول من لا يرسل إلا عن عدل)) ما لفظه: يقال: بل وما شهد له ظاهر من الكتاب والسنة المعلومة أو وافقه عمل أهل البيت لأن المعتبر عندهم حصول اعتقاد جازم بقوله وصحته نقلا عن الأئمة. انتهى، ولعله من كلام السيد العلامة يحيى بن إبراهيم جحاف(1) -رحمه الله.
قلت: قلت: ولأن المرسل من الحديث لا يدل إسناده على الإطلاق صحة متن الحديث، ولا قرينة أيضا على صحته وذلك لما ذكر ابن الإمام -عليه السلام- في مقصد الخبر أيضا في شرح الغاية على قوله في المتن: (ولا شك أن الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- معلوم الوقوع))، وذلك ما معناه: أنه قد وضع المنافقون والزنادقة ومن يريد الإنتصار لمذهبه، كالخطابية والرافضة وبعض السالمية، والمتكسبين، والمترزقين بالحديث(2)، والذين يبدلون الترغيب به على زعمهم وغيرهم أحاديث كاذبة، ووضعوا لها أسانيد كاذبة، ومن ذلك ما حكى عن عبد العزيز بن الحارث التميمي الحنبلي من رؤساء الحنابلة وأكابر البغاددة، وذلك ما روى الخطيب الهيثم بإسناده إلى عمرو بن مسلم، قال: حضرت مع عبد العزيز بعض المجالس فسئل عن [5-ب] فتح مكة فقال: عنوة. فطولب بالحجة فقال: حدثنا ابن الصواف، قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن أنس: أن الصحابة اختلفوا في فتح مكة أكان صلحا أم عنوة؟ فسألوا [عن ذلك] رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: ((كان عنوة)) قال عمرو بن مسلم: فلما قمنا سألته؛ فقال: صغتة في الحال أدفع به الخصم))(3).
पृष्ठ 26
قلت: قلت: فإذا عرفت هذا عرفت ما قلناه، وأن العمل على ما يتحصل من الظن الجازم بواسطة القرائن على صحة الحديث سواء كان مسندا أو مرسلا، وسيأتي في آخر باب من أبواب كتابنا هذا مزيد ذكر لهذا البحث وما به ينبغي جميع علل الحديث متنا وسندا بما يحصل به -إن شاء الله- الشفاء، والهدى، والله سبحانه وتعالى الهادي.
قلت: قلت: وهذا في السابقين](1).
وأما من تأخر عن تلك العصور السابقة فإ نما هم في الحقيقة إلا كالعالة على من تقدم عليهم لأنهم لم يأتوا (2) إلا على أمور مفروغ منها قد اعتنى بها غيرهم وشمروا الهمة في تحصيلها وتأصيلها، وارتحلوا لطلبها، وتغربوا لجمعها حتى أنه يغلب على ظن من اجتهد في العلوم أنه لا يوجد على وجه الأرض حديث عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يكن قد دون في مجموعات السابقين، ولا يمكن أن أحدا من المتأخرين يبلغ بسند حديث إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من غير طرق كتب من سبق فقد كفى الأولث الآخر المؤنة، وإنما غاية مبلغ المتأخر أن يبلغ بسنده إلى مصنف أي كتب المصنفين السابقين المشهورة أيضا التي قد صارت أمهات لرواة حديث المسلمين من صحاح كتب أهل البيت وصحاح المحدثين وغيرهم ممن يدعي صحة كتب سلفهم السالفين.
पृष्ठ 27
قلت: قلت: وقد صحح المتأخرون الوجادة إذ هي طريقة معتمدة من طرق الرواية وها أنا ذا إذ آتي بكلام (الفصول)(1) وشرحه(2) للسيد صلاح وغيرهما في هذه المادة فأقول: قال في الفصول وشرحه للسيد صلاح رحمه الله تعالى ما صورته: السادسة(3) -يعني من طرق رواة الحديث- الرواية عن الخط وتسمى الوجادة، وتسمى أيضا الكتابة؛ وصورتها: أن يرى الراوي مكتوبا بخطه أو بخط شيخه أو بخط(4) من يثق به سمعت [4ب-أ] كذا عن فلان، ويجوز لذلك الراوي العمل به أي بمقتضى ما وجد عنه أئمتنا(5) منهم المنصور بالله وادعاء إجماع الصحابة على ذلك؛ ذكره في (الصفوة)(6)، ومنهم المتوكل على الله: أحمد بن سليمان حكاه عنه الإمام محمد بن المطهر في (عقود العقيان) واختاره لنفسه وحكاه عن أبيه، واحتج له الحاكم وأبو الحسين والفقيه عبد الله بن زيد بما يقتضي أنه إجماع الصحابة والتابعين، وهو أيضا معمول به عند الشافعي وأكثر الأصوليين، ولكن إنما يجيزون العمل به إن غلب على ظنه صحته لأمارة ظاهرة؛ فإذا غلب على ظنه صحته جاز العمل به، لأنه -أي حصول- الظن العلة الموجبة لقبول أخبار الآحاد، وأكبر الحجج كتاب عمرو بن حزم الذي أمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يكتب له فيه أنصبة الزكاة، ومقادير الديات فإن الصحابة رجعوا إليه وعولوا عليه وتركوا له آراءهم، وقطع بوجوب العمل به بعض محققي أصحاب الشافعي عند حصول الثقة قال: وهو الذي لا يتجه غيره في الأعصار المتأخرة، قال النووي وهو الصحيح(1). انتهى كلام الفصول.
पृष्ठ 28
قلت: [قلت: وقال في شرح (الفتح): وقد تكون الوجادة أبلغ حالا من الإجازة لاسيما حيث كان في الكتاب أثر التصحيح والضبط والعناية من أهل المعرفة، وقد يقول المحقق: تم قراءة وتصحيحا وضبطا على كذا، فإن هذه النسخة التي هذا حالها أبلغ من أن يقول أجزت لفلان كتاب كذا، وكذلك نسخ عديدة لا يتميز صحيحها من سقيمها. انتهى](2).
وقال ابن الإمام -عليه السلام- قبل آخر شرح (الغاية) بثلاثة عشر ورقة بالقطع [6-ب] الكبير والخط المتوسط وكلما رويته -إن شاء الله- من الغاية وشرحها فهو من هذه النسخة التي أشرت إلى صفتها وذلك في آخر مسألة المفتي الفقيه ما لفظه: وإذا ثبت جواز تقليد الميت فاعلم أنما وجد من كلام المجتهد ومذهبه في كتاب معروف به قد تداولته النسخ يجوز لمن نظر إليه أن يقول قال [5أ-أ] فلان كذا وإن لم يسمعه من أحد نحو جامعي الهادي إلى الحق -عليه السلام-؛ لأن وجودها على هذا الوصف بمنزله الخبر المتواتر والاستفاضة، ولا يحتاج مثله إلى إسناد (3) انتهى (كلامه -عليه السلام-)(4).
[قلت: قلت: وقال الإمام المهدي(5) في (المنهاج) ما لفظه:
(تنبيه) اعلم أن لنا كلاما في جواز الأخذ عن الكتب الموضوعة والرواية عنها لم يذكره غيرنا (وها نحن الآن ذاكروه؛ لأن هذا موضعه فنقول: اعلم أن الكتب الموضوعة في الإسلام لا تخلو إما أن تكون)(6) في العلوم العقلية أو النقلية.
أما الكتب في الأحكام العقلية فلا إشكال أنه يجوز الأخذ عنها وإن لم تقرأ على مصنفها(7) ولكن بشروط ثلاثة:
पृष्ठ 29
الأول: أن يحصل للناظر فيها العلم اليقين بما نظر فيه منها من تصحيح أو فساد وله أن يحكيه عن مصنفه إن تيقن أنه المؤلف له أو غلب في ظنه فيقول: قال فلان في كتابه الفلاني. ما لم يغلب في ظنه أنه قد وقع فيه تحريف، أو تصحيف، أو زيادة أو نقصان، إذ الأصل السلامة، وقد صح له أنه كتابه فجاز له الإضافة إليه؛ وليس له أن يحكيه مذهبا لمصنفه إلا حيث علم أو غلب في ظنه أنه لا قول له سوى ذلك القول
الشرط الثاني: [أن] لا يجوز على نفسه تصحيف بعض ألفاظ ما يحكيه ومعرفة ذلك يمكن لا سيما في العقليات .
والشرط الثالث: أن لا يعلم الناقل ولايغلب في ظنه أن المصنف لايرضى بحكاية ذلك القول عنه بل يكره ذلك لغرض له دينى أو دنيوي فإنه [حينئذ] بمنزلة من استودع أخاه سرا فأذاعه اللهم إلا أن يكون في كتمانه مفسدة أو تدليس أو أي وجوه التلبيس المخلة بالدين فإنه حينئذ لا يجوز كتمانه). انتهى))(1).
قلت: قلت: وهذا الذي قدمناه جميعه لتعريف (بعض)(2) طرق الرواية، وأما باقيها والقول في متون الأحاديث وكيفية الموالاة بينها ونحو ذلك فمحل تفصيل ذلك كتب أصول الفقه.
قلت: قلت: وأما حكايات أقوال العلماء فمتى صح القول عن قائله بأحد الطرق المعتبرة- ولو بالوجادة المعتبرة- مع صحة الكتاب الذي عرف أنه أقوال مصنفه أو مما جمعه فيه وعرف به، وقد تداولته النسخ واستفاض ذلك عنه فكما ذكر (ذلك)(3) ابن الإمام، وحكينا عنه قريبا.
पृष्ठ 30
وعلى الجملة أنه إذا قد حصل (1) له ظن لأمارات صحيحة أو (استفاظة ذلك)(2) عنه صح حينئذ أن يحكي حكاياته (3) وينقل منه ولا يحتاج إلى إذنه ولا إجازته؛ لأنه قد جرت عادة المسلمين أنما يحكوا في كتبهم إلا ما يريدوا أن يحكى عنهم ويستفاد من فوائدهم، ويعدون ذلك من أذخر ذخائرهم؛ ولولا قصدهم هذا لما وضعوها فهذا المقصد المجوز منهم يقوم مقام الإجازة والإذن، إلا أن الأخذ منها على هذه الصفة لا يقول حدثنا، ولا أخبرنا، ولا روى لنا، ولا أنبأنا، ولا أي لفظ يوهم الملاقاة [ونحوها](4)؛ وإنما يقول وجدت، أو قال، أو عنه، أو نحو هذا؛ فلولا الأخذ من الكتب على هذا الوجه لانسدت أبواب وعطلت (5) [5ب-أ] أحكام وضيعت حقوق ولا أمكن لا مخاطبة ولا مراسلة ولا محاورة، والمعلوم العمل بذلك من جميع علماء المسلمين فلا يبعد أن العمل به إجماع سكوتي إذ منهم العامل والساكت مع رفع الموانع. والله أعلم.
قلت: [قلت: وقد حقق معنى ماذكرناه الإمام المهدي -عليه السلام- في (المنهاج) في تمام الكلام السابق الذي رويناه عنه أولا قريبا فليعاود هنالك لمن أحب معرفته(6).
قلت: قلت: وقال جلال الدين السيوطي الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة، فمن علم في نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم [7-ب] يجزه أحد، وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح، وكذا في كل علم في الإقراء والإفتاء، خلافا لمن توهم من الأغبياء من الإعتقاد كونها شرطا، وإنما اصطلح الناس على الإجازة لأن أهلية الشخص لا يعلمها من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم لقصور مقامهم عن ذلك، والبحث عن الأهلية قبل البحث شرط فجعل الإجازة كالشهادة من الشيخ كالمجاز بالأهلية(7). انتهى.
पृष्ठ 31
قال: القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال -رحمه الله- ما لفظه -في ذلك :وحكى أبو الفتح بن جني فيما رواه الجلال السيوطي في (إتقانه) وذلك ثابت بالإجماع وناهيك بهذا موجب للبدار في كتابه (الإجازة والإسراع)، كذا نقله السيد هاشم بن يحيى الشامي رحمه الله في بعض تعليقاته](1).
واعلم أن هاهنا فائدة ينبغي أن نقدمها على جميع الفوائد إذ هي من الأصول المعتمدة والأمور المؤكدة؛ وذلك أن الحديث إذا اتفقت روايته من طريق (2) الموالف والمخالف فإنه يكون اتفاقا من الطرفين، وقطعا للخلاف من كلا الجانبين، وقد سلك هذه الطريق الهادي إلى الحق -عليه السلام- في (الأحكام) عند احتجاجه على طلاق الثلاث وغيرها، وكذلك سلكها الناصر للحق والمؤيد بالله والمنصور بالله في (الشافي) وغيرهم، وقد اقتفى أثرهم عدة من الأئمة المتأخرين، ونحن -إن شاء الله- قافون أثرهم بعون رب العالمين، واقتداء بالسلف الصالحين.
قلت: قلت: ولا بد أن يأتي -إن شاء الله- باب نختم به هذا الكتاب [في ذكر شيء](3) من مصنفات العترة في الحديث خاصة.
قلت: قلت: وقد(4) شرطت على نفسي في هذا المجموع شرطا -وإن كان غير لازم- أن مهما أمكنني (5) أن أسمي الراوي الذي أروي عنه حديثا أو قولا وأسمي الكتاب الذي أخذت (6) منه وأعين منه موضع البحث حتى أن من شك في شيء صدرته فيه أمكنه أخذه من محله بأيسر مؤنة في بحثه عليه، وما أطلقتة فهو مما انطوى عليه حفظي، أو مأخوذ من مواضع متعددة فاعتصرته وأخذت معنى الجميع حتى انسبك في سلك واحد لتصعب (7) تعيين مواضعه، أو أمرا معلوما للجميع.
पृष्ठ 32
قلت: قلت: هذا وقد بالغت -بمعونة الله سبحانه وتعالى- في تسهيل [6أ-أ] عباراته، وقربت للطالب طرقاته، وأضفت إلى كل بحث أودعتة فيه ما له تعلق به من الأصول الثلاثه والفروع الفقهية ونحو ذلك، وذكرت من صحيح المذاهب وفاسدها وباطلها، ودللت على أصحها، وأظهرت وجوه باطلها وفاسدها بأوضح برهان، وأتم بيان بحيث أن من اطلع على جميعه بعين رضا وإنصاف، وذهن صاف، عرف صحيح مقالتي ولهجة صدقي؛ وذلك بقدر الطاقة والإمكان، التي أعان عليها الرحمن، راجيا منه سبحانه وتعالى أن ينفعني به يوم غد، وأن ينفع به كل مسترشد، في كل وقت وزمان، إنه الكريم المنان.
هذا وأما الناظر إليه بعين كليلة، وقلب مريضة، فما يزيده الله -إن شاء الله- إلا تلهفا وحسرة، إذ هو -إن شاء الله- هادم لقنطرته، ومخرب لجسره، ومثل لعرشه، ولا يعاب بعيبه، ولا ضرر -إن شاء الله- في همزه ولمزه، وها أنا منشد قول الشاعر -ولله دره- حيث يقول:
ما يضير البحر أمسى زاخرا ... إن (1) رمى فيه غلام(2) بحجر
وأعقبته أيضا بقول آخر(3):
पृष्ठ 33
وهبني قلت هذا الصبح ليل ... أيعمى العالمون عن الضياء قلت: قلت: ولم أذكر هذا إلا أن كثيرا من الناس لا يزدادوا عند البيان إلا خسارا، وينفرون عنه عتوا واستكبارا، لخبث سرائرهم، وسوء ضمائرهم، وسيئ اعتقادهم، وتحاملهم على بغضة عترة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وتجاهلهم على الوصي، وتسهيلهم لمرتكب المعاصي، وتحميلهم ما ارتكبوه منها على ربهم وينزهون عنها أنفسهم بل وشياطينهم -تعالى عن كل مقالة تقدس وتنزه عنها [8-ب] وعلا علوا كبيرا- ومع هذا فإن الجبري مثلا لا يرضى من العدلي أبدا إلا أن يتبع هواه، ويميل إلى معتقده الخبيث الذي يحبه ويرضاه؛ فإن حب الشيء يعمي ويصم، وقس على هذا ما جانسه من سائر الاعتقادات المتضادة بين كل ضدين؛ ولو حصل التستر لأمرما ففي النفس مافيها خصوصا [6ب-أ] إذا قد استحكم عليه الشيطان، وملك منه الزمام والعنان، وأنا أعجب من الذي يظن أنه يتحبب إلى العامة بإظهار الميل إلى بعض مقالاتهم وأنه يختار شيئا من آرائهم وهو ينتسب إلى الزيدية أو إلى أحد من فرق العدلية إذ ذلك أمر لا يقبلوه منه ولا يصدقوه في باطن سرهم وغاية أمرهم، وإن جاملوا لما ذكرنا من عروض أمرها (1) إلا من نور الله قلبه منهم ولطف به، فإنه ينقاد للحق إذا لاح له طريقه وعرف صدقه؛ ومن هو بهذا الصفة هو في الحقيقة أعز من الكبريت الأحمر، وأقل من الجوهر المزدخر (2).
قلت: قلت: هذا وأنا معوذ لكتابي هذا من ذي الفهم السقيم، ومن ناقص عرفان لئيم أن يعيب(3) شيئا منه صحيح المعنى مستقيم.
فكم من عائب (4) قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيم
पृष्ठ 34
وأنا أسأل الله الكريم رب العرش العظيم، مجيب الدعاء، وقابل
الندآء، وأتوسل إليه بجاه المصطفى، وأخيه المرتضى، وباقي عدة أهل الكساء ومن أصطفى وأجتبى من الملائكة والأنبياء، وصفوة العترة الأكرمين، وجميع الشهداء والصالحين، قبول عملي مع علمه بخلوص نيتي، وصلاح طويتي، وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم، ومقربا إلى جنات النعيم؛ فقد علم -سبحانه وتعالى- بما عليه قلبي احتوى، فهو الذي يعلم السر والنجوى؛ وحيث وقد (1) خلصت بحمدالله من هذه الترجمة فأشرع -إن شاء الله- في المقدمة.
[مقدمة الكتاب]
فأقول: اعلم أرشدك الله إلى الصواب، وثبتك عند إيراد السؤال والجواب: أن تفرق الأمة في مذاهبها؛ مما لا يرضاه منها (2) ربها؛ لأنه سبحانه وتعالى قد أمرها باجتماعها، وحذرها عن افتراقها بقوله تعالى: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون}[ ] وبقوله سبحانه وتعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء}}[ ]، فخالفت أكثر الأمة مضمون هاتين الآيتين وحذت حذو من تقدمها من الأمم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، وقد بين الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ذلك الإفتراق والشقاق بحديث الإفتراق الذي رواه المنصور بالله في آخر الكراس الثالث من أول الجزء الأول من (الشافي) [7أ-أ] وهو حديث مشهور.
قلت: قلت: وقد صححه السيد العلامة المجتهد عبد الله بن علي الوزير -رحمه الله- في تأريخه (طبق الحلوى وصحاف المن والسلوى) وقال -عليه السلام-: إنه رواه غير أبي داود بطرق كثيرة من الصحابة غير معاوية مثل أبي هريرة وآخرين.
पृष्ठ 35
قلت: قلت: وهو الذي مضمونه: ((افترقت اليهود إلى كذا والنصارى إلى كذا وستفترق أمتي إلى ثلاث (1) وسبعين فرقة كلها هالكة)) أو قال: ((في الهاوية إلا فرقة واحدة ناجية))(2).
पृष्ठ 36
قلت: قلت : وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة، إذ هو إخبار عن غيب مستقبل فكان المخبر به موافقا للخبر؛ فلقد افترقت أمته -صلى الله عليه وآله وسلم- فرقا، وتجاذبتها الأهواء، وكل فرقة منها انتسبت بزعمها إلى إمام وادعت لنفسها النجاة وأنها التي أشار إليها عليه الصلاة والسلام، فلما صح لنا أن في الأمة هالك وناجي وأن أكثر الفرق مسيئ، وعلمنا بالدلالة العقلية والشرعية وجوب [9-ب] موالاة أولياء الله، ومعاداة أعداء الله، وعلمنا أيضا أن كل فرقة تدعي النجاة لنفسها والهلاك لغيرها، وعلمنا أيضا أن الله سبحانه وتعالى شرع مشروعا على لسان نبي متبوعا من ذلك: أنه لا يحكم لمدع إلا ببينة عادله يقبلها الحاكم العدل ليستند في حكمه إليها؛ وكان (1) الواجب علينا حينئذ وقف كل فرقة لسماع دعواها وطلبنا من كل البينة على تصحيح مذاهبها، فتحيرت حينئذ كل فرقة ورجعت القهقرا وعادت إلى القفاء؛ وهذا بعد البحث والنظر (2) في مصنفاتها الحاكية لأقوالها وأفعالها، إلا فرقة العترة المطهرة عن الأرجاس التي جعل الله منها الشهداء والقادة للناس فإنها دلت على صحة أقوالها وأفعالها ومذاهبها بآي القرآن والسنة الصحيحة المتكاثرة وأوضح برهان وأنها الفرقة الناجية، [7ب-أ] والحجة على العباد في كل ناحية؛ إذ هم المقصودون بآيتي التطهير والمودة، والمخلفون مع الكتاب متمسك للأمة المشبهون بسفينة النجاة وباب حطة، وغير ذلك من الفضائل التي دلت عليها الأدلة؛ فإليهم الرد واستنباط الأحكام، وإليهم المرجع في تبيين الحلال والحرام، وفصل الخصومات، وتنفيذ الأحكام، وجميع ما تحتاجه في شرائعها للأنام (3)؛ فأنفذنا لما أراده إله العالمين، وصدقنا ما جاء به سيد المرسلين فصح حينئذ بما ذكرنا وبما يأتي من الأدلة [المتظاهرة](4) المتكاثرة التي لا يمكن جحدها ولا كسرها من رواية الموالف والمخالف أن مذهبهم الحق القويم، وصراط الله المستقيم؛ (وأن من)(1) خالفه من كل مذهب تعدى فيه بما يخرق إجماعهم (وإن ما)(2) يخرج عن جميع أقوالهم فهو معتل سقيم، وليس هو من شرع النبي الكريم.
قلت: قلت : وليس هذا دعوى اللسان، بل من يحب أن يجول في جميع ما ذكرناه فهذا محل الجولان وها أنا أقول: هذا الفرس وهذا الميدان.
قلت: قلت: وحيث قد تقررت بحمد الله هذه المقدمة؛ فإني أشرع الآن في ذكر شيء مما وعدت به من الأدلة على صحة مذهب العترة الزكية حتى لا يصل -إن شاء الله- الطالب إلى تمام الغرض المقصود من السياق للجواب الموعود، إلا وقد ثبت عنده -إن شاء الله- صحة نجاتهم، ووجوب التمسك بهم في أقوالهم وأفعالهم ومذاهبهم؛ لأنه إذا [قد](3) تقرر عنده هذا فإنه الأصل الذي يبنى عليه الأبنية (4) الأكيدة، ويستند إليه في التدين والعقيدة .
पृष्ठ 38
فأقول -وبالله الإسترشاد إلى المراد:
باب [1] يشتمل على أدلة دالة على وجوب التمسك بالعترة الذين هم أولياء الله، وعترة الرسول الأواه، حلفاء القرآن، وأحلاس الطعان، وحماه سرح الإيمان، وأفضل أمة النبي في كل زمان، بشهادة مصطفى الرحمن بقوله -صلى الله عليه وآله-: ((نحن أهل بيت شجرة النبوة، ومعدن الرسالة، ليس أحد من الخلائق[8أ-أ] يفضل أهل بيتي غيري (1))). رواه المنصور بالله -عليه السلام- في آخر الكراس الثاني من أول الجزء الأول من (الشافي) بطريقه إلى المرشد بالله وهو يبلغ بسنده إلى علي -عليه السلام-، فهم سلام الله عليهم الذين زكت أصولهم وفروعهم، وطابت الأرض بطيبهم، وعرفت العناصر الطيبة بحبهم والخبيثة ببغضهم، أليس هم الذين جعل الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- بغضهم دلالة على خبث المولد، وكدر المورد؟ وسيأتي رواية هذا الحديث المشار إليه فيما بعد (2) -إن شاء الله تعالى.
قلت: قلت : ويكون ذلك التمسك بهم في المذهب وغيره وهاهنا.
مسألة: قال الله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى}}[ ] فجعل سبحانه وتعالى مودتهم أجر البلاغ.
وعن بعض أهل التفاسير ورواة أهل(3) الصحاح وغيرها أنها لما نزلت[10-ب] قيل له ما معناه: يارسول الله -صلى الله عليك وعلى آلك- من القرابة الذين وجبت علينا محبتهم؟ فقال -صلى الله عليه وآله وسلم: ((علي وفاطمة وابناهما))(4).
قلت: قلت: والسنة طافحة بوجوب مودة أهل البيت -عليهم السلام-.
فإن قلت: مسلم ذلك فما ينفعك فيما أنت بصدده؟
पृष्ठ 39