وقال بعضهم: إني لأمشي في بغداد، فكأنما أمشي في النار.
وكان ابن إدريس يقول: اخرج علي من ذكر حديثي ببغداد.
وقال ابن الربيع: قلت لإبراهيم بن صالح أيام صحبة ابن حنبل: ادع الله له.
قال: لا أفعل. قلت: لم؟ قال: هو يسكن بغداد.
وجاء الوليد البغدادي القاص إلى الفضيل بن عياض ووضع يده في يده وأقبل يسأله والفضل قد أعجب به إلى أن قال له: أين المسكن؟ قال: بغداد.
فانتزع يده من يده ثم قال: يجيء أحدكم يسأل عن () (1) [70 أ] كأنه من عمال الله أو من الدعاة إليه. فإذا قيل له أين المسكن قال: في عش (2) الظلمة.
قال: وكان بعض الصالحين، إذا ذكرت عنده بغداد تمثل:
قل لمن أظهر التصوف في الناس
وأمسى يعد في الزهاد
الزم الثغر والتواضع فيه
ليس بغداد منزل العباد
إن بغداد للملوك محل
ومناخ للقارئ الصياد
وسأل المعتصم أبا العيناء عن بغداد وكان سيء الرأي فيها فقال: هي يا أمير المؤمنين كما قال عمارة بن عقيل:
ما أنت يا بغداد إلا سلح
إذا اعتراك مطر أو نفح
وإن جففت فتراب برح
[وكما قال آخر]:
هل الله من بغداد يا صاح مخرجي
فأصبح لا تبدو لعيني قصورها
وميدانها المذري علينا ترابه
إذا شحجت أبغاله وحميرها
فهي أم الوحول، ومطرح البقول. عذرتها في طرقها، وقذرها في وسطها
पृष्ठ 360