ورواه الدارقطني ، بسند عن أبي هريرة ، وفيه مجاهيل ، حتى قال النسائي : هذا الحديث باطل كذب. (1)
ونكتفي بهذا المقدار في البحث عن سند الروايات.
هذا حال رجال الأحاديث المذكورة ، ومن المعلوم أنه لا يمكن الاحتجاج بأحاديث هذا شأنها ، وعلى فرض صحتها فالصحيح تفسير القدرية بمعنى مثبتي القدر والحاكمين به ، لا نفاته. فإن تلك الكلمة كأشباهها من العدلية وغيرها تطلق ويراد منها مثبتو مبادئها ، أعني : العدل ، لا نفاتها. وإطلاق تلك الكلمة وإرادة النفي منها من غرائب الاستعمالات.
نعم أخرج أبو داود في سننه (2)، عن حذيفة بناليمان قال : « قال رسول الله : لكل أمة مجوس ، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر ».
وهذا الحديث على فرض صحته يمكن أن يكون قرينة على تفسير القدرية في هذا المورد ، ويكشف عن أن ذلك الاستعمال البعيد عن الأذهان ، كان مقرونا بالقرينة. ولكن الاحتجاج بالحديث غير تام ، إذ في سنده عمر مولى غفرة ، عن رجل من الأنصار ، عن حذيفة ، فالراوي والمروي عنه مجهولان. (3)
** فقه الحديث
وبعد ذلك كله ، ففقه الحديث يقتضي أن نقول : إن المراد من القدرية هم مثبتو القدر ، لا نفاته ، بقرينة تشبيههم بالمجوس ، فإن المجوس معروفة بالثنوية ، وإن خالق الخير غير خالق الشر ، ومبدع النور غير مبدع الظلمة ، وإن هناك إلهين خالقين في عالم واحد ، يستقل كل في مجاله الخاص ، حسب ما يناسب ذاته.
والقائل بالقدر يحكم القدر على أفعاله سبحانه وأفعال عباده ، فكأن
पृष्ठ 114