बुगयात अल-वु'आत फि तबकात अल-लुगवियीन व-अल-नुहात
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة
अन्वेषक
محمد أبو الفضل إبراهيم
प्रकाशक
المكتبة العصرية
प्रकाशक स्थान
لبنان / صيدا
وَأكْثر تآليف الشَّيْخ مختصرات، وأجلها وأنفعها على الْإِطْلَاق شرح قَوَاعِد الْإِعْرَاب؛ وَشرح كلمتي الشَّهَادَة، وَله مُخْتَصر فِي عُلُوم الحَدِيث، ومختصر فِي عُلُوم التَّفْسِير يُسمى التَّيْسِير، قدره ثَلَاثَة كراريس، وَكَانَ يَقُول: إِنَّه ابتدع هَذَا الْعلم وَلم يسْبق إِلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَن الشَّيْخ لم يقف على الْبُرْهَان للزركشي، وَلَا على مواقع الْعُلُوم للجلال البُلْقِينِيّ. وَكَانَ الشَّيْخ ﵀ صَحِيح العقيدة فِي الديانَات، حسن الِاعْتِقَاد فِي الصُّوفِيَّة، محبًا لأهل الحَدِيث، كَارِهًا لأهل الْبدع، كثير التَّعَبُّد على كبر سنه، كثير الصَّدَقَة والبذل، لَا يبقي على شَيْء، سليم الْفطْرَة، صافي الْقلب، كثير الِاحْتِمَال لأعدائه، صبورًا على الْأَذَى، وَاسع الْعلم جدا. لَزِمته أَربع عشرَة سنة، فَمَا جِئْته من مرّة إِلَّا وَسمعت مِنْهُ من التحقيقات والعجائب مَا لم أسمعهُ قبل ذَلِك، قَالَ لي يَوْمًا: أعرب: " زيد قَائِم " فَقلت: قد صرنا فِي مقَام الصغار ونسأل عَن هَذَا! فَقَالَ لي " " فِي زيد قَائِم " مائَة وَثَلَاثَة عشر بحثا، فَقلت: لَا أقوم من هَذَا الْمجْلس حَتَّى أستفيدها، فَأخْرج لي تَذكرته فكتبتها مِنْهَا. وَمَا كنت أعد الشَّيْخ إِلَّا والدًا بعد وَالِدي، لِكَثْرَة مَا لَهُ عَليّ من الشَّفَقَة والإفادة، وَكَانَ يذكر أَن بَينه وَبَين وَالِدي صداقة تَامَّة، وَأَن وَالِدي كَانَ منصفًا لَهُ، بِخِلَاف أَكثر أهل مصر.
توفّي الشَّيْخ شَهِيدا بالإسهال لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع جُمَادَى الأولى سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة. وَقَالَ الشهَاب المنصوري يرثيه:
(بَكت على الشَّيْخ محيي الدّين كافيجي ... عيوننا بدموع من دم المهج)
(كَانَت أسارير هَذَا الدَّهْر من دُرَر ... تزهى فبدل ذَاك الدّرّ بالسبج)
(فكم نفى بِسَمَاع من مكارمه ... فقرا وَقوم بالإعطاء من عوج)
(يَا نور علم أرَاهُ الْيَوْم منطفئا ... وَكَانَت النَّاس تمشي مِنْهُ فِي سرج)
(فَلَو رَأَيْت الْفَتَاوَى وَهِي باكيةٌ ... رَأَيْتهَا من نجيع الدمع فِي لجج)
(وَلَو سرت بثناه عَنهُ ريح صبا ... لاستنشقوا من ثناها أطيب الأرج)
1 / 118