وقد أخبر النبي ﷺ "أن أهل الجنة يلهمون التسبيح كما يلهم أهل الدنيا النفس".
ومعلوم أن النفس لا يشغل الإنسان عما يزاوله من الأعمال فحينئذ كان التسبيح والمشاهدة لجلال الله تعالى لا يشغلهم عن التدبير الذي وكلوا به وهذا الجمع أكمل لا سيما وهم يقولون كمال الإنسان التشبه بالإله على حسب الطاقة وقد وافقهم هؤلاء على هذا المعنى.
وكذلك قولهم: "في الملأ الأعلى" وإذا كان ذلك فمعلوم أن الله تعالى لا يشغله ما يفعله عن معرفته ولمه وذكره شيء بل هو سبحانه لا يشغله ما سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين.
وإن كان قولهم في الله تعالى موافقا لقول المسلمين في علمه وقدرته ومشيئته فالكلام مع من يذكر مطابقة الكتاب والسنة لقولهم وهذا لا يكون إلا مسلما فلا يمكن ذكره المطابقة مع المخالفة لأصول المسلمين.
وأما مع من لا يبالي بدين الرسول أو يفضل الفيلسوف على النبي فهذا لكلامه مقام آخر يستقصي فيه هذا الاستقصاء كما بسط تناقض أقوالهم على أصولهم وفسادها على كل أصل في غير هذا الموضع وقد قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
1 / 229