बुदूर मुडिया
البدور المضيئة
शैलियों
*الجواب الثاني عشر عن هذا السؤال:
أنه لا بد من تقديم بيان أصلين في هذا البحث ليقع البناء عليهما .
أحدهما: تقرير الحق في هذ ه المسألة بالدليل إذ الدليل هو المعتمد ، فيقال: تقرر في الأصول بآيات الإحباط وآيات الوعد والوعيد المشهورة أن فاعل الكبيرة يستحق العقاب الدائم ولو تقدمت له أعمال مثل الجبال ، والأدلة في ذلك صريحة مذكورة في مواضعها عموما وخصوصا مثل قوله تعالى :{ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} وغير ذلك مما ورد في الكبائر ، وإنما أشرنا إلى طرف من ذلك ووجدنا استثناء التائب صريحا في كتاب الله تعالى في غير ما آية فوجب أن يكون من المخصصات سواء كان متصلا أو منفصلا ، وما أطلق من آيات الوعيد وجب حمله على المقيد كما هي القاعدة الأصولية ، ولم نجد الاستثناء بقوله: (إلا أن يعفو الله) في شيء من الآيات فلا يصح جعله مخصصا من دون دليل وإن وجد في بعضها{ إلا ما شاء الله} ، فالتقييد بالمشئية محتمل ولا استدلال بمحتمل، إذ يحتمل إلا ما شاء الله وهي الأ وقات المتقدمة على دخول النار ، كيف ويوم الحساب وحده خمسون ألف سنة ، ويحتمل أن التقييد بها ليس باستثناء حقيقة بل هو لتعليم التأديب كما في قوله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} ولهذا دخلت في سياق أهل الجنة مع أنه لا قائل باستثناء أحد منهم، وفي قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} المراد بهم أهل الصغائر ، لأنها قد أفادت أن ما عدا الشرك فمنهم من يشاء تعذيبه ومنهم من لا يشاء ،وكل دليل من أدلة الإرجاء محتمل والمقام مقام بيان في مسألة قطعية لو جوزنا التشكيك فيها لزم عنه التلبيس في أمر الدين، وناقض قوله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شئ} {وتبيانا لكل شئ} والوعيد من الله إخبار وهو لا يجوز تخلفه من الحكيم تعالى.
पृष्ठ 43