أما السكوت عن ندائه وتركه يتألم في فراشه فمن الخطورة بمكان ألا فليتنبه الغافلون من أبنائه فإن لكل زمان رجال ولكل جيل أدب مخصوص به لا يلزم أن يقلده الجيل الذي يليه من بعده ولا هويتوقف على من قبله.
فإن الاتكال على الغير من شيمة الكسالى الأنذال والجمود على طريقة واحدة وحالة واحدة من شأن طبيعة الحجر الأصم(وقد ينموهذا ويحس) لا الإنسان العاقل سلطان البسيطة ومدور دولابها الخطير.
وهل الإنسان المتقدم أرقى عقلا من المتأخر؟ وهل كلما زاد العقل نضوجا زاد بمن سبقه؟
وهل قوة الإدراك في تقهقر مستمر حتى أن المرء لا يفعل شيئا إلا ويسأل هل فعلته القدماء أم لا؟ وهل هومطابق لإرادتهم أم لا؟ وهل القدماء رمز على العلم والاختراع والمتأخرون على الجهل والاتباع؟ وهل خلق الإنسان ليكون ذيل غيره وغيره هوالرأس؟ وهل يدوم بناء مهما كانت صلابته وبراعة مشيده بغير ترميم وتجدد؟ وهل التفنن في الأدب مختص بالقدماء وحدهم؟ أم نشاركهم فيه كاشتراكنا في العقل والذوق؟ وإذا كنا نشاركهم فهل من المعقول الاتكال عليهم؟ وهل العصور كلها سواء والحياة في القرن الأول من ابتداء الخليقة كالحياة في العصر الذي نحن فيه؟ أم تغيرت الأحوال وأتى ما لم يخطر ببال؟ وما السبب في هذا التغير الفادح والبون الشاسع؟ وهل السبب ارتفاع درجة الأدب في الغرب؟ وهل الغرب لم يقتبس نوره من شمس الشرق أم هوكشرق اليوم يأنف أن يأخذ ما يستحسنه من غيره ولوكان ضروريا لحياته؟؟؟؟؟.
تلك أسئلة ألقها على نفسك أيها الأديب وتأمل فيها جيدا وحكم عقلك واجعل بين يديك قاموس إنصافك وتجرد عن كل غرض فإذا وعيت ما وعيت واستنتجت ما استنتجت امض في سبيلك ولا تجبني بالقول لأن العصر يحرم ذلك بل أريد بالفعل والإقدام.
إن عوامل الانقلاب والتغيير في مملكة الأدب كثيرة لا تحصى وأهمها الترجمة الصحيحة أوالتعريب الذي يقطع به مسافات بعيدة من مركز التقليد إلى غاية التقييد.
पृष्ठ 33