बौद्ध धर्म: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
البوذية: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
وقرب نهاية هذا التصور، تشير حقيقة المعاناة إلى السبب الذي يحول دائما دون أن تكون الحياة مرضية تماما. إن جملة «العوامل الخمسة المكونة لحياة الفرد معاناة» هي إشارة لأحد التعاليم التي شرحها بوذا في الخطبة الثانية (كتاب «فينايا») الذي يحلل الطبيعة البشرية إلى خمسة عوامل، هي: الجسد المادي («روبا»)، والأحاسيس والمشاعر («فيدانا»)، والمعارف («سانيانيا»)، والسمات الشخصية والطبائع («سانكارا»)، والوعي أو الحس («فينيانيانا»). ولا حاجة للدخول في تفاصيل كل عامل من العوامل الخمسة على حدة؛ نظرا لأن الفكرة المهمة هنا ليست العوامل المذكورة والعوامل غير المذكورة في هذه القائمة. وعلى وجه التحديد، لم يذكر هذا المعتقد الروح أو النفس؛ فهي مفهومة أنها جوهر روحاني خالد ولا يتغير. ومن خلال تبني هذا الموقف، فصل بوذا نفسه عن التقليد الديني الهندي المحافظ المعروف باسم البراهمانية، الذي يزعم أن كل شخص يمتلك روحا خالدة («أتمان») تكون جزءا من مطلق ميتافيزيقي - أو متطابقة معه - يعرف باسم «براهمان» (نوع من الآلهة ليس له صفات بشرية).
قال بوذا إنه لم يستطع إيجاد أي أدلة على وجود الروح البشرية («أتمان») ولا نظيرتها الكونية («براهمان»). وبدلا من ذلك سلك نهجا عمليا وتجريبيا، أكثر قربا لعلم النفس منه إلى علم اللاهوت. وأوضح أن الطبيعة البشرية تتكون من خمسة عوامل مثلما تتكون السيارة من العجلات وناقل الحركة والمحرك والمقود والهيكل. بطبيعة الحال، وعلى عكس العلم، اعتقد أن الهوية الأخلاقية للشخص - ما يمكن أن نطلق عليه «الحمض النووي الروحي» للفرد - تبقى بعد الموت وتولد من جديد. وعلى الرغم من أن بوذا قال إن العوامل الخمسة المكونة للفرد كلها معاناة، فإنه كان يوضح أن الطبيعة البشرية لا يمكنها تقديم أساس للسعادة الدائمة؛ لأن مبدأ العوامل الخمسة يوضح أن الفرد ليس له جوهر حقيقي. ونظرا لأن البشر يتشكلون من هذه المكونات الخمسة التي تتغير باستمرار، فإنه لا مفر من أن المعاناة سوف تظهر عاجلا أو آجلا، تماما مثلما ستتعرض السيارة في نهاية المطاف إلى التهالك والتعطل؛ ولذلك فإن المعاناة متأصلة في صميم تكويننا.
إن محتوى حقيقة المعاناة مأخوذ إلى حد ما من رؤية بوذا لأول ثلاث علامات من العلامات الأربع - الرجل العجوز والرجل المريض والجثة - وإدراكه أن الحياة تعج بمختلف أشكال المعاناة والتعاسة. وكثير ممن يتعرفون على البوذية يجدون أن هذا التقييم للحالة البشرية تقييم متشائم. ويميل البوذيون في الرد على ذلك قائلين إن دينهم ليس متشائما ولا متفائلا، بل واقعي، وإن حقيقة المعاناة تقدم ببساطة حقائق الحياة بطريقة موضوعية. وإذا بدا هذا التقييم متشائما، فهذا راجع إلى الميل المتأصل لدى البشر الذي يدفعهم إلى تجنب الحقائق الكريهة «والنظر إلى الجانب المشرق». ولا شك أن هذا هو السبب الذي جعل بوذا يلاحظ أن حقيقة المعاناة كانت صعبة الفهم للغاية؛ فالأمر أشبه باعتراف المرء بإصابته بمرض خطير؛ فهذا أمر لا يرغب أحد في الاعتراف به. ورغم ذلك، ما لم يعترف المرء بمرضه، لا يمكن أن يكون هناك أمل في العلاج.
أما بعد الإقرار بأن الحياة معاناة، فكيف تنشأ هذه المعاناة؟ تفسر الحقيقة النبيلة الثانية - حقيقة النشأة («سامودايا») - أن المعاناة تنشأ من الشهوة أو «التعطش» («تانها»، بالسنسكريتية: «ترسنا»)؛ فالشهوة تذكي المعاناة بالطريقة نفسها التي يذكي بها الخشب النار. وفي استعارة بليغة في خطبة النار (كتاب ساميوتا) قال بوذا إن التجربة البشرية كلها «مشتعلة» بالرغبة. والنار تشبيه مناسب للرغبة؛ لأنها تستهلك ما تتغذى عليه دون أن تشبع؛ فهي تنتشر سريعا وتتعلق بأشياء جديدة، وتحرق بألم الشهوة التي لا تشبع.
إن الرغبة، في شكل الإدمان القوي للحياة والتجارب الممتعة التي تقدمها، هي سبب الميلاد المتكرر. فإذا كانت العوامل الخمسة للفرد تشبه السيارة، فإن الشهوة ستكون الوقود الذي يدفعها إلى الأمام. وعلى الرغم من أن الميلاد الجديد يعتقد أنه يحدث عادة من حياة إلى أخرى، فإنه يحدث أيضا من لحظة إلى أخرى، فيقال إن الشخص يولد من جديد من ثانية إلى أخرى مع تغير وتفاعل العوامل الخمسة للفرد، بسبب التعطش للتجارب الممتعة. إن استمرار انتقال الفرد من حياة إلى حياة تالية هو مجرد نتيجة زخم الرغبة المتراكمة. (2) حقيقة نشأة المعاناة (سامودايا)
أيها الرهبان، هذه هي حقيقة نشأة المعاناة؛ إنها ذاك التعطش أو تلك الشهوة («تانها») التي تؤدي إلى الميلاد المتكرر، إنها الشهوة المرتبطة بالمتعة الحسية التي تسعى إلى الملذات الجديدة تارة هنا وتارة هناك في شكل: (1) التعطش للمتعة الحسية. (2) التعطش للوجود. (3) التعطش للاوجود.
تنص حقيقة النشأة على أن الشهوة أو التعطش يظهر في ثلاثة أشكال أساسية؛ أولها: التعطش للمتعة الحسية. وتتخذ هذه المتعة شكل التعطش للإشباع من خلال أشياء تدرك بالحواس، مثل الرغبة في الاستمتاع بمذاقات وأحاسيس وروائح ومناظر وأصوات جميلة. وثانيها: التعطش للوجود. ويشير هذا التعطش إلى رغبة «الوجود» الغريزية العميقة التي تقودنا إلى حيوات جديدة وتجارب جديدة. أما الشكل الثالث الذي تظهر فيه الشهوة نفسها فهو الرغبة، ليس في الامتلاك ولكن في التدمير. وهذا هو الجانب المظلم للشهوة، الذي يظهر في الميل إلى نفي وإنكار ورفض الأمور غير الجميلة وغير المرغوبة. والرغبة في التدمير يمكن أن تؤدي أيضا إلى سلوكيات تتسم برفض الذات. إن انخفاض التقدير الذاتي وأفكارا من قبيل «أنا لست جيدا» أو «أنا فاشل»، يعدان تجسيدا لهذا الموقف العقلي عند توجيهه نحو الذات. أما في الحالات المتطرفة، فمن الممكن أن يؤدي إلى سلوكيات مؤذية جسديا مثل الانتحار. إن هذا النوع من التقشف المادي الذي رفضه بوذا في نهاية المطاف يمكن أن نرى فيه أيضا تعبيرا لهذا الميل نحو رفض الذات.
إذن، هل يعني هذا أن كل أنواع الرغبة خاطئة؟ يجب أن نتوخى الحذر قبل التوصل إلى هذا الاستنتاج. فعلى الرغم من أن كلمة «الرغبة» تستخدم غالبا كترجمة لكلمة «تانها»، فإن هذه الكلمة تحمل نطاقا من المعاني أكثر اتساعا. إن كلمة «تانها» أكثر تحديدا في معناها من كلمة الرغبة؛ فهي تعبر عن الرغبة التي أصبحت منحرفة إلى حد ما، وعادة ما يحدث ذلك عندما تصبح الرغبة مفرطة أو موجهة في الاتجاه الخاطئ. وعادة ما يكون هدف تلك الرغبة هو الإثارة والمتعة الحسية. رغم ذلك، ليست كل الرغبات من هذا النوع؛ فالمصادر البوذية تتحدث كثيرا عن الرغبة على نحو أكثر إيجابية باستخدام مصطلح «تشاندا»؛ فامتلاك أهداف إيجابية لنفسك وللآخرين (مثل بلوغ النيرفانا) والرغبة في ضرورة أن ينعم الآخرون بالسعادة، وتمني أن تترك العالم مكانا أفضل حالا مما وجدته عليه؛ كلها أمثلة للرغبات الإيجابية والأخلاقية التي لا تعد رغبة من نوع «تانها».
وفي حين تكون الرغبات الخاطئة مقيدة ومكبلة، تكون الرغبات الصحيحة معززة ومحررة. ويمكننا استخدام التدخين باعتباره مثالا لتوضيح الفرق. إن رغبة المدخن الشره في المزيد من السجائر تندرج تحت فئة «تانها»؛ لأنها لا تهدف إلى شيء أكثر من مجرد إشباع قصير الأجل. ومثل هذه الرغبة القهرية والمقيدة والدورية لا يؤدي إلا إلى تدخين السيجارة التالية (وإلى اعتلال الصحة باعتباره أثرا جانبيا لذلك). أما رغبة المدخن الشره في الإقلاع عن التدخين، فستكون رغبة محمودة؛ لأنها ستكسر هذه الوتيرة الدورية للعادة القهرية السيئة وستعزز الصحة والسلامة.
في حقيقة النشأة، تمثل «تانها» «أصول الشر الثلاثة» المذكورة سابقا، وهي الطمع والكراهية والوهم. وتصور هذه الأصول في الرسوم البوذية في صورة ديك وخنزير وثعبان يطارد بعضها بعضا في دائرة صغيرة في مركز «عجلة الحياة» الموضحة في الفصل الثالث، وكل منها ذيله في فم الآخر. ونظرا لأن الشهوة لا تؤدي إلا إلى إثارة شهوة أخرى، تستمر دورة الميلاد المتكرر، ويولد الأفراد مرارا وتكرارا. أما عن كيفية حدوث ذلك، فهذا مشروح بالتفصيل في أحد التعاليم المعروفة باسم «النشأة المعتمدة» («باتيكا ساموبادا»، بالسنسكريتية: «براتيتيا ساموتبادا»). ويوضح هذا المعتقد كيف أن الشهوة والجهل يؤديان إلى الميلاد من جديد في سلسلة مكونة من اثنتي عشرة مرحلة. بدلا من مناقشة هذه المراحل الاثنتي عشرة بالتفصيل، الأهم بالنسبة إلى أهدافنا الحالية هو فهم المبدأ الأساسي الذي لا ينطبق فحسب على علم النفس البشري، بل ينطبق على الواقع إلى حد كبير.
अज्ञात पृष्ठ