बिसत
كتاب البساط
शैलियों
مسألة في الإرادة وجوابها
إن سال سائل من المجبرة القدرية فقال: أتقولون إن الله عز وجل أراد من جميع خلقه البالغين الإيمان ؟ أم أراد ذلك من بعضهم دون بعض ؟.
قيل له : بل نقول : إنه أراد ذلك من جميعهم فإن قال: أتقولون : إنه أراد ذلك فلم يكن ماأراد ؟ قيل له : إن ارادته لذلك على ماتقدم به بياننا وقولنا في باب المشيئة ارادة بلوى واختبار لاارادة اجبار واضطرار ، وبين الإرادتين على مابيناه قبل فرقان.
ولو أراد ذلك منهم ارادة اجبار واضطرار كانوا كلهم مؤمنين ، ولم يكونوا محمودين ولامثابين بما أعده لمن أطاعه من ثواب المحسنين ، ولو أراد أن يقهرهم ويجبرهم على الإيمان كان على ذلك قادرا كما أراد في أصحاب السبت فقال لهم :?كونوا قردة خاسئين? فكانوا من ساعتهم كما أراد وقد قال لجميع عباده :?كونوا قوامين بالقسط ? ارادة بلوى واختبار وأمر لاإرادة اضطرار ، فكان منهم المطيع ، ومنهم العاصي ، ومنهم الداني الى أمره ، ومنهم القاصي ، ولو أراد اجبارهم على القيام بالقسط لكانوا من ساعتهم كلهم كذلك ، ولو فعل ذلك بهم مااستحقوا منه حمدا ولاثوابا.
ويدل على ذلك كتاب الله الناطق بالحق الصادق فإن الله سبحانه أخبر انه أراد بجميع خلقه الخير والصلاح ولم يرد بهم الكفر والضلال فقال تعالى :?تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة? فأعلم أن ارادته غير ارادة عباده.
وقال: ?يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر? وقال: يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم? فأخبر أنه يريد بهم الهداية والخير والتبيين لهم ، فامتدح بما أراد بهم من اتباعهم طاعاته ليثيبهم بذلك نعيم جنانه المقيم.
ولو أراد بهم الضلال والكفر لم يصف نفسه بأنه أراد بهم الهداية والإيمان.
पृष्ठ 93