2
ونفوه إلى بلاد القريم، ثم راحوا يتنازعون العرش فيما بينهم، فيلونه قائدا بعد قائد، وقيصرهم في منفاه مجدوع الأنف، منكسر النفس، لا يكاد يملك لنفسه أمرا، والصوائف العربية ما تزال تغير على الثغور والسواحل، فتصيب من الروم مقاتل، وتحمل أسارى وسبايا وولدانا ...
3
وكان البطريق قسطنطين على ثغر من تلك الثغور التي تشرف على الخليج مما يلي القسطنطينية، ما يزال يستقبل كل صيف غزاة من العرب يناوشهم ويناوشونه، فينال منهم حينا وينالون منه، ويصيب منهم أسرى وقتلى ويصيبون، وكان له عند العرب ترات
4
وتاريخ بعيد، وقد اصطنع في الحرب خطة عربية، فهو يخرج إلى لقائهم - حين يخرج - ومعه نساؤه وراء الصفوف، يهزجن بالأغاني للتحميس، ويضربن الفارين في وجوههم بالعمد ، أو يحصبنهم بالحصى ؛ ليرددنهم إلى الحرب،
5
وقد أيقن قسطنطين البطريق أنه إلا يدفع عن نفسه وعن ثغره، فلن يدفع عنه أحد من الروم الذين توزعتهم المطامع، وفت في أعضادهم ما لقوا من الهزائم المتوالية في حرب العرب، وعلى هذا اليقين رابط في ذلك الثغر مدافعا شديد العزم والقوة سنين طويلة.
وفجأتهم ذات مساء سرية من سرايا العرب،
6
अज्ञात पृष्ठ