बिन्जामिन फ्रैंकलिन
بنجامين فرنكلين
शैलियों
إذا كنا قد عرفنا طبيعة هذا العقل من الإلمام السريع بحياته العلمية، فمن اليسير علينا أن نعرف خطته إذا اشتغل بالكتابة في عصر المطبعة، فإنه على التحقيق لم يكن ليستطيع أن يعفي نفسه من عمل يتصل بهذه الصناعة، وكذلك كان كاتبا وطابعا وناشرا ومديرا للعمل، وسنرى كيف كان كاتبا يسهم بقلمه في جميع الموضوعات التي تسهم فيها الأقلام. أما الطباعة فقد كان فيها صفافا وحفارا ومديرا للمكنات ومصلحا لما يختل منها، ويكاد يحسب مع المهندسين المكنيين في زمانه؛ لأن هذه الهندسة لم تتشعب في ذلك الزمن تشعبا يصعب عليه أن يحيط به على طريقته في الإحاطة بكل عمل قريب من رأسه ويديه! وأما النشر فلم يترك شيئا يشتغل به الناشر في عصره دون أن يتولاه ويبلغ به مداه.
ويقول فرنكلين في ترجمته لنفسه: إنه لا يذكر زمنا لم يكن يقرأ فيه، وهذا مع ذاكرته القوية التي أعانته على حفظ الكلمات وادخار المفردات والعبارات، واستيعاب ذلك المحصول اللفظي، والفكري، الذي يسر له الكتابة المشوقة بأسهل أسلوب.
وقد قيل عنه: إنه لم يوجد في العصر الحديث كاتب كان حظه من التعليم المدرسي أقل من حظه، وكان فضل المعلمين عليه أقل من فضله في تعليم نفسه، وكان عاشر أبناء أبيه فنذره لخدمة الدين، ثم تبين أن التعليم في المدرسة الكهنوتية يفوق طاقته فأدخله مدرسة من مدارس الأجرومية والتربية الأولية، ومكث في هذه المدرسة - مدرسته الثانية - من الثامنة إلى العاشرة، ثم أخرجه أبوه لمساعدته في صناعته.
وكان الصبي المشغوف بالقراءة يلتهم كل ما صادفه من الكتب في داره وعند أقربائه، فقرأ الكتب التي يقتنيها أبوه في مسائل الدين وخلافات المذاهب ومناظرات العلماء اللاهوتيين، ووقعت له نسخة من كتاب «رحلة الحاج» للكاتب المتصوف بنيان
Bunyan
فقرأها وأعاد قراءتها، ثم باعها ليشتري بثمنها أجزاء من مجموعة المتسببين
1
Chapmen Books
التي تنشر تباعا وتلم بالموضوعات المنوعة من التاريخ والجغرافيا والنوادر والسير والعجائب الصناعية أو الطبيعية، وهي قراءة توافق ذهن فرنكلين المشغول بالتوسع والتنويع.
ولم يبلغ السادسة عشرة حتى كان قد استوعب العشرات من أمهات الكتب النافعة من قبيل تراجم بلوتارك، وذكريات زينوفون، ودراسات لوك وشافتسبري، ورسائل ديفوي، ومقالات كوتون ماثر عن فعل الخير، وغيرها من أشباه هذه المؤلفات القيمة التي كانت في متناول يده، وقد أعجب أصحاب أبيه بذكائه وإقباله على القراءة وفهمه لما يقرأ، فتبرعوا بإعارته ما عندهم من الكتب، وشجعهم على إعارته بإعادته كل ما يستعيره في أيام معدودات، ومنهم بائع كتب كان يعيره ما يطلبه كتابا كتابا في المساء ليعيده إليه في النهار التالي، ولا يتمكن من البر بوعده إلا أن يسهر على مطالعته طوال الليل إلى الفجر على نور المصباح الضئيل.
अज्ञात पृष्ठ