बिन्जामिन फ्रैंकलिन
بنجامين فرنكلين
शैलियों
كتب فرنكلين سيرته التي سماها المفكرات، وسميت فيما بعد بالترجمة الذاتية، وبدأها وهو ينوي أن يخص بها أبناء أسرته للاستفادة بها في شئونهم العائلية، ثم اطلع عليها بعض أصدقائه فأعجبوا بها وأشاروا عليه بإتمامها وتعميم نشرها، ولكنها لم تنشر في حياته ولم يحصل عليها الناشرون كاملة، إلا بعد مساومات ومفاوضات طويلة مع الذين جمعوا أجزاءها في فرنسا، حيث ظهر الجزء الأول منها للمرة الأولى مترجما إلى اللغة الفرنسية.
وقد كتبت هذه الترجمة على أربعة أجزاء في أوقات متعددة وأماكن متفرقة.
كتب الجزء الأول منها في إنجلترا وهو في الخامسة والستين من عمره، واشتمل بعد تاريخ أسلافه على تاريخ حياته من مولده في سنة 1706 إلى زواجه سنة 1730.
وكتب الجزء الثاني في باسي بفرنسا بعد ذلك بثلاث عشرة سنة (أي سنة 1784).
وكتب الجزء الثالث بعد أربع سنوات (1788) على أثر عودته إلى فلادلفيا وبلغ به حوادث سنة 1757 حين كان في الحادية والخمسين.
والمظنون أنه أضاف إليها الجزء الرابع ما بين أواخر سنة 1789 وأوائل سنة 1790 قبل وفاته بفترة وجيزة.
ولا توجد بين الترجمات الذاتية ترجمة لها نصيب هذه الترجمة من الإقبال والقراءة العامة؛ لأنها حديث شائق عن رجل مشهور محبوب يروي قصة حياته ، ويحسن روايتها على النسق الذي يهم كل قارئ وقارئة كأنها قصة للتسلية، وكأنها في الوقت نفسه قصة القارئ في حياته الإنسانية التي تتشابه بين جميع الناس على اختلاف الحوادث والأوقات.
وهذه الترجمة تصور صاحبها أصدق تصوير فيما ذكره من أخباره وأعماله، وفيما يستخلصه القارئ من بين السطور على غير قصد من المؤلف؛ لأن أسلوبه فيها يفسر الناحية المهمة في شخصية فرنكلين، وفي عوامل نجاحه وسهولة مسلكه بين الناس في كل مكان عمل فيه، من وطنه إلى إنجلترا إلى فرنسا، ومن بيئة الصناع الفقراء إلى بيئة الملوك والأمراء والنبلاء، ومن طوائف الأميين وأشباه الأميين إلى طوائف العلماء والحكماء وقادة الآراء.
إن الرجل لم يكسب هذا المسلك السهل بالملق والموافقة؛ لأنه كان يبدي رأيه على أتمه إذا خالف سامعيه، وكان لا يثني على أحد بغير أسلوب العالم الذي يعني كل ما يقوله وإن تلطف في التعبير، ولكنه كسب هذا المسلك السهل بتسليمه للضعف الإنساني حيث لا تجدي المكابرة، فكان يعرف عيوبه ولا يداريها، وكان حكمته التي كتبها في تقويمه «نظف أصابعك قبل أن تنظر إلى بقعي» شعارا له يتبعه ولا يلزم أحدا أن يتبعه مثله، فإذا كتب عن عيوبه خيل إلى القارئ أنه بريء من تلك العيوب، وإذا شرح أعماله وتكلم عن أسباب نجاحه لم يكتم القارئ أنه فخور بها كما يصنع الكثيرون من أدعياء التواضع وإنكار الذات، ولكنه يتكلم عنها ويدع القارئ يفهم أنه قادر على مثلها إذا أراد، وأن الأسباب التي استعان بها مبسوطة بين يديه لأنها في ميسوره ومقدوره.
ومن مفتتح الترجمة إلى ختامها يجري المؤلف على هذا الأسلوب الصريح بغير تكلف ولا مداجاة، فيقول في مفتتح الترجمة أنه كتبها ليرضي شهوة التحدث عن النفس التي تملك الشيوخ في أخريات أيامهم دون أن يضجر أحدا من سامعيه؛ لأنهم أحرار في السماع أو الإعراض، وأنه لا يكتم عن القارئ أنه فخور بنجاحه، ولا يبدأ الكلام قائلا على سبيل الاعتذار «بلا فخر، ولا ادعاء» ثم يتلوه كلام كله فخر وادعاء، وبمثل هذا الأسلوب يجرد الفخر من شوكته المؤذية، ويجرد التواضع من طلائه الكاذب، ويقف «بإنسانيته» الضعيفة القوية بين أيدي إخوته من الناس.
अज्ञात पृष्ठ