الله تعالى فيه، وهو أغلب أعضائك عليك وعلى سائر الخلق، ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
فاستظهر عليه بغاية قوتك حتى لا يكبك في قعر جهنم، ففي الخبر: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها أصحابه فيهوي بها في قعر جهنم سبعين خريفا)، وروى أنه قتل شهيد في المعركة على عهد رسول الله ﷺ فقال قائل: ن هنيئا له الجنة، فقال: ﷺ: (وما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، ويبخل بما لا يغنيه) .
فاحفظ لسانك من ثمانية:
الأول الكذب
فاحفظ منه لسانك في الجد والهزل، ولا تعود لسانك الكذب هزلا فيتداعى إلى الجد، والكذب من أمهات الكبائر، ثم إنك إذا عرفت بذلك سقطت عدالتك والثقة بقولك، وتزدريك الأعين وتحتقرك.
وإذا أردت أن تعرف قبح الكذب من نفسك، فانظر إلى كذب غيرك، وعلى نفرة نفسك عنه، واستحقارك لصاحبه واستقباحك له.
وكذلك فافعل في جميع عيوب نفسك؛ فإنك لا ترى قبح عيوبك من نفسك، بل من غيرك، فما استقبحته من غيرك يستقبحه غيرك منك لا محلاة؛ فلا ترض لنفسك ذلك.
الثاني الخلف في الوعد
فإياك أن تعد بشيء ولا تفي به، بل ينبغي أن يكون إحسانك إلى الناس فعلا بلا قول، فإن اضطررت إلى الوعد، فإياك أن تخلف إلا لعجز أو ضرورة؛ فإن ذلك من امارات النفاثق وخبائث الاخلاق، قال النبي ﷺ: (ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان) .
الثالث الغيبة
فاحفظ لسانك عنها، والغيبة أشد من ثلاثين زنية في الاسلام. كذلك ورد في الخبر.
ومعنى الغيبة: أن تذكر إنسانا بما يكرهه لو سمعه، فأنت مغتاب ظالم وإن كنت صادقا.
وإياك وغيبة القراء المرائين، وهو أن تفهم المقصود من غير تصريح فتقول: أصلحه الله فقد ساءني وغمني ما جرى عليه، فنسأل الله تعالى أن يصلحنا وإياه؛ فإن هذا جمع بين خبيثين، أحدهما: الغيبة إذا حصل به التفهم، والآخر: تزكية النفس والثناء عليها بالتجريح
1 / 53