पटोलमी युग की शुरुआत
بداءة عصر البطالمة: محاضرة ألقيت في المؤتمر الثامن للمجمع المصري للثقافة العلمية
शैलियों
وربما كان في غزوة يحمل فيها الملك الإسكندر الأفيروسي (خلف فورغوس) على مقدونيا نجاح لسياسة بطلميوس، وما من شك في أنه يكون نجاحا فائلا، ما دام الجندي المصري عاجزا عن أن يجني منه ثمرة.
واستطاع «أنطيغونس غوناطس» أن يحمي مقدونيا، فهزم جيوش «أفيروس»، ومزقها تمزيقا من غير أن يرفع الحصار عن أثينا، وسقط ملك «إسبرطا» في الميدان قتيلا، وهو يحاول أن يقتحم صفوف جيش «أنطيغونس»؛ ليتخذ أهل أثينا. واضطرت «أثينا» إلى التسليم في النهاية (261ق.م)، وهرب «إخرمونيدس» وأخوه «إغلاوقون» لاجئين إلى مصر، حيث أقيم «إغلاوقون» رئيسا لكهنة الإسكندرية، وكهنة الأخ والأخت الإلهين في سنة 255-254ق.م كما تنص على ذلك ورقة من البردي استكشفت حديثا. وكانت الحرب الإخرمونيدية عنوانا سيئا أبان عن ضعف بطلميوس وجبنه ونزعته إلى الفنون دون الحرب ... ومن ذا الذي في مكنته أن يتكهن بالنتائج، لو أن «أرسنوية» كانت على قيد الحياة، مشرفة على أخيها في تنفيذ سياستها؟ •••
إن الفترة الواقعة بين سني الحرب الإخرمونيدية، واعتلاء «أنطيوخس الثالث» العرش السلوقي في سنة 223ق.م من أشد فترات التاريخ غموضا وإظلاما، إذ لم يصلنا شيء من المؤلفات التاريخية التي كتبت فيها، وكل ما نستطيع أن نصل إليه في صوغ تاريخها أن نجمع رقعا من الآراء العامة عنها، أو إشارات عرض لذكرها كتاب متأخرون، أو بعض النقوش أو أوراق البردي التي نقع عليها اتفاقا، ثم نرأب صدوع هذه جميعا لنحيك منها عبارة تاريخية.
فالحقيقة الأولى عن بحر «أيغا»، والحالات التي قامت فيه عقيب الحرب الإخرمونيدية، أن الجلاد قام حواليه بين مصر ومقدونيا؛ لتفوز إحداهما بسيادة البحار، وفي هذا الشأن لا يعوزنا اليقين. كذلك نعرف أنه دارت معركتان بحريتان عظيمتان، هما معركة «قوص» ومعركة «أندروس»، وأن «أنطيغونس غوناطس» هزم الأسطول المصري في أولاهما، ونشبت معركة بحرية على بعد من «أفسوس»، هزم فيها الأسطول الرودسي الأسطول المصري بإمرة «إخرمونيدس»، وكانت رودس على ما يظن قد حالفت مقدونيا. أما أن نعرف أيهما قاد الأسطول في موقعة «أندروس» أهو «أنطيغونس غوناطس» بنفسه، أم «دوصون» ابن عمه وخليفته في الملك، أو أن نعرف في عصر من من البطلميوسين وقعتا، أفي عصر بطلميوس الثاني، أم في عصر بطلميوس الثالث؟ أو أن نقطع في موقعة «أندروس» بقول، أهزمت فيها مصر أو انتصرت، على ما يقول «مهفي»؟ فعامتها أمور تتسع فيها شقة الخلاف، وتتباين فيها الأقوال والآراء.
وفي نقش ذي شأن تاريخي نشره «رهم» ما يدل على أن «ميلطوس» قضت فترة ما في عصر بطلميوس الثاني، استمسكت فيها بصداقته، وذادت عن مصالحه، ولكن نيران الحرب كانت قد حوطتها برا وبحرا، وعصرتها عصرا. ومن الظاهر أن هذا النقش يرجع إلى سنة 262ق.م أو بالأكثر إلى السنتين اللتين تليانها؛ ولذا يصعب أن نتصور أن تحصر «ميلطوس» بحرا، ما لم نقدر أن قوة مصر البحرية كانت قد ضعفت بالفعل. لهذا يذهب «رهم» إلى أن معركة «قوص» لا بد من أن تكون قد وقعت من قبل ذلك؛ أي في الفترة التي تقدمته مباشرة. ولعهد ما، على ما تهدينا إليه النقوش، تبدل اتحاد جزر قوقلادس من حماية «بطلميوس» حماية مقدونية (من سنة 260 إلى 247 على ما يقول «كوليه»)، على الرغم من أن الغالب أن مصر استردت مركزها ذاك قبل موت بطلميوس الثاني، بدليل أن نقش «أدوليس» يحصي جزر قوقلادس بين الحمايات التي ورثها بطلميوس الثالث عن أبيه، لا بين البقاع التي ضمها إلى ملكه بالفتح.
في النقش الميلطي الذي أشرنا إليه آنفا، ينوه «بطلميوس الثاني» في رسالة إلى أهل ميلطوس بالأنباء السارة التي وصلت إليه عن ولائهم الذي ذكره له ابنه وإقليطرخوس (أمير البحر المصري في بحر أيغا حوالي 274 إلى 266)، وغيرهما من الأصدقاء (أي الأشخاص الملحقين بالبلاط البطلمي) الذين معهم. •••
من هو ذلك الابن؟
أما المستمسكون بأسطورة أن ابن «لوسيماخوس» من «أرسنوية فيلادلفوس» قد تبناه «بطلميوس الثاني» وأنه بذاته من يدعى «بطلميوس اللصيق»،
36
الذي قاد أسطول «بطلميوس الثاني» في خلال فترة تقع بعد سنة 261 في «أفسوس»، فينزعون إلى القول بأن ذكر ذلك الابن في النقش الميلطي إنما هو بمثابة بعث آخر لذلك الرجل نفسه على مسرح الحوادث؛ ومن أجل ذلك يقولون بأننا نصادفه في هذه المرة قائدا في «ميلطوس». على أن لنا أن نلاحظ هنا أن النقش لم ينص إطلاقا عن أن الابن كان قائدا في «ميلطوس»، ولغته تتفق جملة مع الفرض بأن الأمير الشاب كان في جولة بحرية يتعهد فيها الولايات المحمية، وزار ميلطوس في طريقه. أما إذا قبلنا الفرض الذي يقضي بأن الابن الذي أشرك في الحكم من سنة 266 إلى سنة 258، إنما هو ابن أكبر «لبطلميوس الثاني» من «أرسنوية الأولى»، فمن الطبيعي أن يكون هو بعينه الابن الذي يذكره النقش الميلطي. ولكنا نرجح ترجيحا قد يبلغ مبلغ اليقين أن الابن الذي ذكره ذلك النقش، هو «بطلميوس اللصيق» لا شخص آخر. •••
अज्ञात पृष्ठ