ودق قلبه بسرور، وقال يجيب الصوت الذي عرفه حق المعرفة: أنا حسين يا حسن.
وقال الصوت بدهشة: «حسين»، ثم سمع خشخشة المزلاج وهو يرفع، وفتح الباب فرأى أخاه بشعر هائج مشعث، وعينين محمرتين منتفختين، فمد له يده، وهو يهتف بدهشة: حسين! .. أهلا وسهلا ادخل، خيرا إن شاء الله، ماذا وراءك؟
فدخل حسين في شيء من الارتباك، وسرعان ما تطاير إلى أنفه عرف بخور طيب، بدا عذبا مريحا عقب رائحة السلم، ووجد نفسه في دهليز شبه مظلم تكتنفه حجرتان؛ واحدة إلى يمين الداخل والأخرى في مواجهته، وإلى اليسار المرافق، وابتسم حسين إلى أخيه وقال كالمعتذر: هل أتيت مبكرا؟ .. الساعة الحادية عشرة!
فتثاءب حسن طويلا ثم قال ضاحكا: إني أستيقظ عادة حوالي العصر، المغنون ليلهم نهار ونهارهم ليل، ولكن خبرني قبل كل شيء كيف حالكم؟ - بخير والحمد لله .. وكيف أنت؟
فقال وهو يسير به إلى الحجرة التي إلى يمينه: نحمده.
دخلا حجرة صغيرة تكاد تقسم مناصفة بين فراش وصوان، بينهما إلى الجدار الداخلي كنبة علقت فوقها على الحائط صورة كبيرة تجمع بين حسن وامرأة لحيمة عميقة السمرة، قد اعتمدت منكبه بساعديها المشتبكتين، فثبتت عينا حسين عليها في دهشة لفتت نظر أخيه، فتساءل ضاحكا: ماذا يدور برأسك؟
فسأله حسين بسذاجة: هل تزوجت يا أخي؟
فأجلسه على الكنبة، ووثب إلى الفراش وتربع عليه وهو يقول: تقريبا. - خطبت؟ - الثالثة. - الثالثة؟! - أعني الفرض الثالث!
فرفع الشاب إليه عينين داهشتين في وجوم ثم ابتسم ابتسامة آلية على الرغم منه، ولاح في وجهه ما يشبه الحياء فضحك حسن عاليا، وقال باستهانة: هي زوجة في كل شيء، إلا العقد.
فسأله حسين في خوف: ألست وحدك الآن؟
अज्ञात पृष्ठ