فهزت رأسها في عناد وقلبها يوالي ضرباته الشديدة، ودت لو تستطيع أن تخلو إلى نفسها لتتفكر طويلا، وشعرت برغبة في الهروب. ولكنها لم تبد حراكا، وسارت إلى جانبه وراحتها في يده وعبثا حاولت أن تبعد خيالها عن البيت الخالي المنتظر، ثم جاءت لحظة فشعرت بأن باطنها ينقلب رأسا على عقب وأنها تغوص في أعماق ما لها من قرار. وازدادت اضطرابا وقلقا فقالت في ضيق: ليس في بيتك!
فشد على يدها بيد مرتجفة وقال: بل في بيتي، فكري قليلا، ماذا تخافين؟ إني أحبك وأنت تحبينني، ونريد أن نتحدث عن حبنا ومستقبلنا في أمن من العيون. هذه فرصة وهيهات أن نجد البيت خاليا مرة أخرى. إني أعجب لترددك ...
وإنها تشاركه عجبه من ناحية أخرى. إنها تتردد حقا، ولو أرادت أن ترفض رفضا حاسما لما أعياها البيان، ولكنها يبدو أنها تدأب على الرفض المتردد الذي لا يحكم إغلاق الباب. إنها في الغالب خائفة وخجلة، ولكن لم تعد تستطيع تجاهل الانقلاب الذي حدث في باطنها. وفاضت نفسها بالقلق والاضطراب والتوتر، ثم قالت بصوت ضعيف: الأفضل أن نواصل المشي ...
فجذبها بإغراء وهو يقول: قد تنشق الأرض في أي موضع وفي أي لحظة عن أخيك حسن!
فوجدت نفسها تجاريه في تخوفه قائلة في استسلام: إني أخاف هذا!
فقال وهو يتنهد في ارتياح، زافرا من صدره شواظا من نار: لنذهب إلى البيت!
فقاومت يده في وهن وهي تقول: كلا، لن أذهب. - دقائق معدودات، عطفتنا معتمة ولن يرانا أحد.
وسار بها وهي تتبعه في تثاقل قائلة: كلا.
وكان قلبها يدق يكاد تصدع له الضلوع.
27
अज्ञात पृष्ठ