فانفجر حسنين قائلا: إن هدوءك الكاذب لا يجوز علي، أأنت مطمئن حقا؟!
فأصغى حسين إليه في امتعاض وألم، ثم قال ولعله كان يداري عواطفه: المؤمن لا تخونه طمأنينته. - إني مؤمن وقلق معا.
فقال حسين في غير إيمان بما يقول: هذا من ضعف الإيمان.
فقال حسنين بحنق: أوه، ليكن، إني أعرف تلاميذ يجاهرون بالشك! - أعلم هذا. - هم أذكياء ومطلعون. - أتحب أن تفعل مثلهم؟
فقال في خوف: كلا، لست من هواة الاطلاع. أنت نفسك تقرأ كثيرا؟
فقال حسين مبتسما: هذا حق ولكني لم أنتزع الله من قلبي. والحق أننا نغالي في تحميل الله مسئولية مصائبنا الكثيرة. ألا ترى أن الله إذا كان مسئولا عن موت والدنا فليس مسئولا بحال عن قلة المعاش الذي تركه.
وشعر حسنين أن تطور الحديث نأى به عن مخاوفه الحقيقية فقال بضيق: دعنا من هذا وخبرني كيف نعيش بلا مصروف؟ أي بلا سينما ولا كرة. والأدهى من هذا كله أني كنت شارعا في تعلم الملاكمة!
فقطب حسين قائلا: تحام ما يؤلم أمنا، إذا لم يكن في وسعنا أن نساعدها فلا أقل من أن نريحها من منغصات لا داعي لها. واذكر أنها وحيدة فلا أعمام لنا ولا أخوال! - لا أعمام ولا أخوال! كان هذا يهون لو لم تصبح أختنا خياطة! رباه ما عسى أن يقول الناس عنا؟!
وضاق صدر حسنين، وغلبه الحزن، ووقعت لفظة «خياطة» من نفسه موقعا مؤلما، فقال بغضب: نستطيع أن نعيش دون مبالاة بما يقول الناس.
وأراد أن يقطع الحديث فنهض قائما وغادر الحجرة.
अज्ञात पृष्ठ