وحدة النص ولتحقيق مثل هذه الخطة الشاملة المذكورة في تصنيف كتابه ينبغي أن يلاحظ بأنه لم يتوفر لأي كاتب مغربي في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري إلا كتب تعنى ببعض فروع الأدب العربي، ليصنف على مثالها عددا من أجزاء كتابه؛ مع العلم بأنه لم يوجد ثمة كتاب اتبع صاحبه خطة كخطة المؤلف، كما لم يكن في إمكان مؤلف من الإباضيين أن يبحث عن نموذج أدبي خارج إطار الحضارة الإسلامية. ومن بين التصانيف الإسلامية فلم يجز له أن يستفيد إلا من كتب الإباضية نفسها أو من الكتب التي كان أهل هذه الدعوة يعترفون بصحة أقوالها دينيا. وإذا ابتدأنا الآن بمناقشة مشكلة وحدة النص فينبغي علينا أن ننتبه إلى الشروط السائدة في شمال إفريقيا آنذاك.
فلنلق هنا السؤال الأساسي عند الحديث عن النص الوارد في المخطوط: هل بين أيدينا مصنف ذو طابع واحد، كتبه مؤلف واحد أم مجموعة من التصانيف لعدة مؤلفين؟ فلربما يكون هناك شك في وحدة النص - بصرف النظر عن أن المخطوط وصلنا دون عنوان أو خاتمة - لأن المضمون يبدو غير كامل في بعض الفقرات، كما أن الأسلوب الكتابي يعكس مستويات مختلفة.
في النصف الأول من النص قبل بداية رسالة الإمام الرستمي عبد الوهاب ( ص93 )، يمكننا أن نلاحظ أن هناك تصنيفا منتظما يسير على منوال واحد بالرغم من بعض التكرار وعدم الاستمرار في مراعاة تنسيق التفسير الخاص بمسائل العقيدة. ولكن يليه افتتاحية الرسالة المذكورة التي تتطابق حرفيا مع " شرائع الدين " الواردة في الفقرات السابقة بالتفسيرات والتعليقات عليها ( ص86- 92 ) (1). وبالإضافة إلى ذلك فهناك تكرار آخر ملحوظ ( ص116 ) في ذكر " الأمصار " و" البلدان " التي دخلتها الإباضية بالرغم من أن الصفحة السابقة مباشرة تذكر فيها كل هذه البلدان.
पृष्ठ 7