وضحك آهرنبورج أولا، وحين ترجمها أغرق سارتر في الضحك، إذ إن له رأيا وجوديا مشهورا يقول: إن الجحيم هو الآخرون.
وجرأني الضحك، فقلت: الواقع لو كان وجود الآخرين يخلف التعاسة التي صورتها لقتلنا بعضنا بعضا من زمن بعيد، لا بد هناك أشياء أخرى لم نذكرها هي التي أبقتنا أحياء في مجتمع واحد.
قال: يعجبني أن شابا غريبا مثلك يناقشني بلا حذر أو اصطلاحات فلسفية، بالتأكيد هناك أشياء لم تعرف بعد.
قلت: وقد تغير رأيك إذا عرفت نظرتنا إلى الوجود والإرادة المستقلة.
قال: وقد تغير. ممكن. ممكن جدا.
قلت: لماذا لا نعتبر أي فلسفة إذن مجرد نظرية نتركها تتصارع مع غيرها من النظريات والاكتشافات، بلا تعصب، ودون أن نحاول أن نقيم من أنفسنا محامين لهذه النظرية ومدافعين عنها. فالتعصب لهذه الفلسفة أو تلك ممكن أن يعوق وصولنا إلى الحقيقة.
قال: ولكن الحقيقة لا يمكن الوصول إليها إلا بصراع، والصراع لا يمكن أن يتم إلا بين متعصبين، فاعتناق النظريات والدفاع عنها يقربنا من الحقيقة ولا يبعدنا عنها.
قلت: الصراع بين الوجودية والاشتراكية مثلا، أيقربنا من الحقيقة؟
قال: طبعا، على شرط ألا يتم الصراع في قلب الشارع. أقصد الصراع بين المفكرين الواسعي الأفق.
قلت: مجرد تساؤل قد يكون سخيفا، ولكني أرجو أن يسمح لي به أعظم كاتب اشتراكي وأعظم كاتب وجودي. الوجودية تعتبر الفرد مسئولا عن اختياره وتصرفاته ومصيره، والاشتراكية تعتبر المجتمع هو المسئول. أليس من المحتمل إذن أن تنشأ في القريب نظرية ثالثة تجمع الوجودية والاشتراكية وتملأ الفجوات وتفسر بدرجة أوضح وتحدد بدرجة أدق حركة الفرد بالنسبة لحركة المجتمع، والعلاقة بين الوجود الفردي والوجود الجماعي؟
अज्ञात पृष्ठ