बर्ट्रेंड रसेल: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
برتراند راسل: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
وبفضل المكانة الرفيعة الجديدة التي اكتسبها راسل، ولا سيما معارضته الطويلة الأمد للشيوعية في الاتحاد السوفييتي، استعانت به الحكومة البريطانية في زيادة برودة الحرب الباردة. وفي سبيل تحقيق هذه المهمة زار ألمانيا والسويد لإلقاء محاضرات. وأثناء زيارته للسويد سقطت الطائرة المائية التي كان يستقلها في ميناء تروندهايم، واضطر عندئذ إلى السباحة في مياه شديدة البرودة لينجو؛ أما خلال زيارته لألمانيا فقد أصبح مؤقتا فردا من أفراد القوات الجوية البريطانية، وهو ما أسعده كثيرا.
كان راسل كثير السفر في خمسينيات القرن العشرين - إلى أستراليا والهند وأمريكا مرة أخرى، وكذلك أوروبا والبلدان الإسكندنافية - وكان يلقي محاضرات هناك طوال الوقت، وكان يحظى بشهرة كبيرة هناك. وبعد انفصال راسل عن بيتر سبينس بثلاث سنوات تزوج من صديقته الأمريكية التليدة إيديث فينش، وأمضيا شهر العسل في باريس؛ ولكن حتى حينما كان راسل يتجول بأرجاء المدينة لمشاهدة معالمها - ولم يكن أي منهما قد تجول فيها كسائح قط؛ لأن كلا منهما سبقت له الإقامة فيها - كان الناس يتعرفون عليه ويتجمعون حوله.
تحولت الأسفار وجولات إلقاء المحاضرات إلى كتب، كدأب راسل دوما. وظهرت محاضرات رايث ككتاب بعنوان «السلطة والفرد». وفي عام 1954 نشر كتاب «المجتمع البشري في الأخلاق والسياسة»، وهو الكتاب الذي أدرج فيه الخطبة الرسمية التي ألقاها بمناسبة تسلمه جائزة نوبل. ولما كان راسل قد نال جائزة نوبل في الآداب (ورد في خطاب التنويه كتاب «الزواج والأخلاق»)، حفزه ذلك على الكتابة القصصية. وفي عام 1921 كتب رواية ولكن لم يحاول نشرها، وكتب مجموعتين من القصص القصيرة - أو إن شئنا الدقة قلنا الحكايات الرمزية القصيرة - وكلها ذات مغزى فلسفي أو جدلي، بعنوان «الشيطان في الضواحي» و«كوابيس المرموقين». وفي عام 1956 نشر كتاب «صور من الذاكرة»، وهو سلسلة من المقالات الوصفية لأشخاص مرموقين تعرف عليهم، وفي عام 1959، قدم للعالم سيرته الذاتية الفكرية، وعنوانها، «تطوري الفلسفي»، وتلخص التقدم الذي شهدته آراؤه منذ الطفولة فصاعدا.
لكن أي فكرة مفادها أن راسل قد تمكن أخيرا من الدخول إلى دوائر أهل الحل والعقد - وأنه سيخفف من غلوائه ويركن إلى الشيخوخة الهادئة المكللة بالجلال والاحترام - كانت خاطئة؛ إذ إن راسل كان يرى أن العالم يحدق به خطر داهم ومتزايد بسرعة، وكان يرى أنه من المحتم مقاومته. وكان هذا الخطر هو انتشار أسلحة الدمار الشامل. وبدءا من منتصف خمسينيات القرن العشرين وحتى وفاته في فبراير عام 1970، ظل يناضل ضد الأسلحة والحرب بحماس شاب في مقتبل العمر؛ مما أدى إلى الحكم عليه بالسجن مرة أخرى، وذلك فضلا عن عواقب أخرى - خفف الحكم بسبب تقدمه في السن (كان آنذاك في التسعينيات من عمره)، بحيث أصبحت العقوبة أسبوعا في مستشفى السجن - وجلب عليه موقفه ذلك الكراهية والعداوة في سنواته الأخيرة، خاصة بسبب معارضته الطائشة المفرطة بل والمسعورة - فيما كان يبدو - للأفعال الأمريكية في حرب فيتنام. اتضح فيما بعد أن اتهاماته للولايات المتحدة بارتكاب جرائم حرب كانت قائمة على معلومات صحيحة في معظمها. وفي إطار هذه المساعي أصبح راسل أول رئيس للحملة المعنية بنزع السلاح النووي، ونشر كتابين - «المنطق السليم والحرب النووية» و«هل يوجد مستقبل للبشر؟» - وأدى دورا مهما في تأسيس مؤتمر بوجواش وفي تأسيس المحكمة الدولية لجرائم الحرب تعبيرا عن المعارضة لحرب فيتنام، وذلك بمشاركة جان بول سارتر.
ترد مناقشة للصراعات السياسية التي شهدها راسل إبان السنوات الخمس عشرة الأخيرة من حياته في الفصل
الرابع . كان راسل يبدو وكأنه يزداد شبابا مع الزمن عند خاتمة حياته، رغم شيخوخة الجسد وشيء من الوهن (ولكنه كان نشطا ومتيقظا حتى النهاية، حين توفي وهو في عامه الثامن والتسعين)؛ إذ قدمته جدته إلى العالم على صورة كهل فيكتوري، لكنه غير من نفسه إلى فارس مطوف دائم الشباب؛ فارس صادق وصارم ذي فكر مهيب ومقدرة هائلة ككاتب، يستخدم مواهبه - ولعل من أهمها قدراته الفريدة المتعلقة بالمنطق وخفة الظل - للتصدي للقوى الغاشمة.
إن منظور الزمن من شأنه إما أن يضخم من شأن من شغلوا المشهد العام وإما أن يقلل منه. ويتضاءل السواد الأعظم من هؤلاء ويظلون في السفوح، فيما يسمو قلائل إلى قمم الجلال. ويظهر راسل صرحا منيفا بين القمم.
هوامش
الفصل الثاني
المنطق والفلسفة
अज्ञात पृष्ठ