बर्ट्रेंड रसेल: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
برتراند راسل: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
شكل 1-6: كانت دورا بلاك (1894-1986) شابة متخرجة في كلية جيرتون. التقت براسل في عام 1916، وأحب كل منهما الآخر، ولكن دورا لم تقبل عرضه بالزواج إلا في سبتمبر عام 1921. وأنجبا طفلين، هما جون راسل وكاثرين راسل.
1
أحب راسل الصين، شأنه في ذلك شأن الكثيرين ممن يقضون أي مدة في الصين. وشأنه شأن أغلب هؤلاء الكثيرين، كان يميل إلى إضفاء طابع شاعري على الصينيين أنفسهم. وأشاد بحس الفكاهة الذي يتمتعون به وبحكمتهم وقدرتهم على الاستمتاع بكل ما هو جميل وحبهم الشديد التحضر للثقافة والعلم. ولكنه على نحو ما لم يدرك مدى قسوة حياة غالبية الناس في ذلك البلد الكبير، ولا كيف كانت التقاليد العتيقة تقهر الصين وتعيقها. وأثناء إقامته هناك رفض أن ينصب نفسه كناصح للكثيرين الذين طلبوا نصحه بشأن طريقة حياتهم وتفكيرهم، وعن الكيفية التي يتسنى بها للصين الخروج من فقرها والاضطراب الإقطاعي الذي كانت تعاني منه. كان الفيلسوف الأمريكي جون ديوي يزور الصين في الوقت نفسه، ولم يتردد أن يتحدث في كل هذه الموضوعات؛ مما نتج عنه أن ذكراه لا تزال ذات تأثير أقوى من ذكرى راسل. إن ميراث الحكماء شديد القوة في الصين؛ ومن ثم ضاعت من راسل فرصة لإفادة هذا البلد. ألف راسل كتابا يعرض فيه آراءه عن الصين ومستقبلها، بيد أن هذا الكتاب الذي نشر في وقت لاحق في بلد بعيد عن الصين مثل إنجلترا لم يصلح بديلا عن النبوءات التي كان ضيوفه يأملون أن يسمعوها منه. بدلا من ذلك، ألقى عليهم راسل محاضرات عن المنطق الرياضي.
وقرب نهاية إقامة راسل في بكين، مرض مرضا شديدا؛ إذ أصيب بنزلة شعبية وكاد يموت. وبسبب التحمس الزائد لبعض الصحفيين اليابانيين أعلن خبر وفاة راسل؛ وهكذا أتيح له أن يقرأ نعيه بنفسه، وقرأ أيضا نعيا من سطر واحد ظهر في دورية تبشيرية أضحكه بصفة خاصة، وكان يقول: «ها قد سنحت الفرصة للبعثات التبشيرية ليتنفسوا الصعداء لسماع خبر وفاة السيد برتراند راسل.»
كانت أليس قد وافقت أخيرا على الطلاق؛ لذا تزوج راسل ودورا في سبتمبر عام 1921 عند عودتهما إلى إنجلترا، وسرعان ما رزقا بعدئذ بمدة وجيزة بابنهما الأول جون كونراد، ورزقا بعد ذلك بسنتين بابنة أطلقا عليها كيت. ترشح راسل مرتين لعضوية البرلمان كمرشح عن حزب العمال في منطقة تشيلسي، وذلك في عامي 1922 و1923، ولكنه لم يفز. كان ينوء تحت إلحاح المسئوليات الأسرية؛ وكان بحاجة إلى كسب رزقه؛ مما دفعه إلى التخلي مرة أخرى عن فكرة المشاركة السياسية البرلمانية، والانكباب على الكتابة والتدريس في الجامعة. وكانت أكثر أوساط التدريس الجامعي ربحا موجودة في الولايات المتحدة، فزارها أربع مرات خلال العشرينيات من القرن العشرين. وكان من بين الكتب الرائجة التي نشرها كتب «ألف باء النسبية » و«ألف باء الذرات» و«ما أومن به» و«عن التربية» و«مقالات متشككة» و«الزواج والأخلاق» و«الفوز بالسعادة». وحققت بعض هذه الكتب نجاحا ماليا، وتسبب بعضها في التشهير به، وكان ذلك غالبا بسبب ما تحتويه من آراء ليبرالية عن الأخلاقيات الجنسية. لم يهمل راسل الفلسفة أيضا؛ إذ ظهر كتابه «تحليل العقل» - الذي بدأ تأليفه وهو في السجن - في عام 1921؛ وقد وجهت إليه الدعوة لإلقاء «محاضرات تارنر» في كامبريدج عام 1925، ونشرت في عام 1927 بعنوان «تحليل المادة». وأنتج كذلك كتابا دراسيا تمهيديا بعنوان «موجز للفلسفة».
أشبع مجيء الأطفال توقا طالما كان يراود راسل. أمده طفلاه ب «محور عاطفي جديد» استغرقه في الاهتمامات الأبوية لبقية عقد العشرينيات من القرن العشرين. اشترى بيتا في كورنوول حتى تقضي فيه الأسرة العطلات الصيفية، وحين بلغ جون وكيت سن المدرسة، قرر راسل ودورا إنشاء مدرسة تخصهما حتى يتعلم الأطفال على النحو الأفضل من وجهة نظرهما. واستأجرا القصر الريفي الذي يملكه أخو راسل في التلال الجنوبية، وأسسا مدرسة يرتادها 20 طفلا كلهم في السن نفسها تقريبا. كان القصر كبيرا، ويقع على مساحة 200 فدان من أراضي الغابات البكر، والتي تعج بأشجار الزان وأشجار الصنوبر، وكانت تجوبها كائنات من مختلف أشكال الحياة البرية، بما فيها الغزلان. وكان المنظر من القصر نفسه جميلا.
ومع كل هذه المثاليات والموقع الريفي الساحر الذي تتمتع به المدرسة، فشلت التجربة في النهاية؛ إذ لم تتمكن المدرسة قط من تغطية تكاليفها، وكان الهدف الذي يسعى إليه راسل من تأليف الكتب والمقالات الصحفية الرائجة، والسفر عبر المحيط الأطلنطي ذهابا وعودة في جولات لإلقاء محاضرات - مع أنه كان يكره الرحلات البحرية - هو دعم المدرسة في المقام الأول. قامت دورا أيضا بجولة لإلقاء محاضرات في أمريكا، ولكن مسئوليتها الأساسية كانت إدارة المدرسة. واتضح أنه من بين الصعوبات التي واجهت المدرسة طاقم موظفي المدرسة؛ إذ لم يعثر راسل ودورا على معلمين يمكنهم تطبيق مبادئهما باستمرار، وكانت تلك المبادئ تشمل السماح بالحرية التي يحكمها الانضباط؛ إذ لم تكن مدرسة راسل مكانا فوضويا للصغار، وذلك بالرغم من ادعاءات كانت تقول عكس ذلك؛ وكتب راسل فيما بعد: «السماح للأطفال بالانطلاق من شأنه أن يفسح المجال لمكان يسوده العنف، يرعب فيه الأقوياء الضعفاء؛ فأي مدرسة هي أشبه بالدنيا؛ لا يمنع العنف الوحشي فيها إلا وجود حكومة.»
ومن الصعوبات الأخرى أن المدرسة كانت تجتذب نسبة مرتفعة من الأطفال المشاغبين، الذين حاول أولياء أمورهم إرسالهم إلى مدارس أخرى، ولكن اضطروا في النهاية إلى تجربة المدارس التجريبية. ولما كان راسل وزوجته بحاجة إلى المال، قبلوا هؤلاء الأطفال، ولكنهما اكتشفا أن وجودهم تسبب في صعوبة شديدة في إدارة المدرسة.
ومع ذلك كان أسوأ ما في الأمر هو تأثير ذلك على أطفال راسل. كان التلاميذ الآخرون يظنون أن طفليه يتلقيان معاملة تفضيلية دون وجه حق لأن والديهما يديران المدرسة، ولكن راسل ودورا حاولا أن يعاملاهما على قدم المساواة مع الآخرين، في محاولة منهما ليكونا عادلين، وتسبب ذلك في حرمان جون وكيت من والديهما في واقع الأمر، وكم تألما لذلك. وعلى حد وصف راسل، فإن أول فرحة في حياة الأسرة «تبددت وحل محلها الإحراج» (السيرة الذاتية لبرتراند راسل، ص390).
في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الأولى سادت العالم آمال معقودة على التعليم كطريقة لتغيير وجه العالم؛ ففي النمسا، على سبيل المثال، حيث كان لسقوط الإمبراطورية النمساوية المجرية تأثير مدمر، امتهن الكثير من المثقفين الشباب التدريس في المدارس أملا في بناء البشر من جديد. وكان كارل بوبر ولودفيج فيتجنشتاين من بينهم. كان راسل منتميا إلى هذا الاتجاه بطريقة غير مباشرة. ولكن التفاصيل الواقعية للتدريس ومدى تعقيد الطبيعة البشرية سرعان ما جعلت معظمهم يفيق من وهمه، وتخلوا عن مهنة التدريس.
अज्ञात पृष्ठ