Benefits from the Farewell Sermon
فوائد من خطبة الوداع
शैलियों
الطعن في الأنساب والنياحة والاستسقاء بالنجوم
وقال النبي ﵊: (أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن)، أي: أربع خصال هي من الجاهلية، وليست من الإسلام في شيء، ثم قال: (الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، وإن النائحة إذا لم تتب -أي: قبل موتها- تبعث يوم القيامة وعليها درع من قطران)، أنها صواعق تنزل على قلوبنا وأسماعنا، لكن في النهاية لا مجيب؛ لأننا أكبر من ذلك كله.
قوله: (أربع في أمتي)، يقولها النبي ﵊ بحسرة؛ لأنه قال: (إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية)، أي: ينبغي أن تعملوا لذلك، وأن تتخلصوا من أعمال الجاهلية، ثم يقرر أن هذه الخلال أو الخصال قائمة في الأمة لا تدعها، ولا تتخلى عنها أبدًا، فيفتخر بحسبه، بأبيه وأمه وعمه وخاله وجده وجدته، ولا يتكلم عن نفسه قط، مع أنه لا نجاة له إلا بالعمل الصالح، ولا ينجو بنفسه بين يدي الله إلا بالتقوى، لكنه يستند على تقوى والده إن كان تقيًا، أو علم والده إن كان عالمًا، مع أن العلم وحده لا ينفع، وإنما الذي ينفع هو: العلم والعمل والإخلاص فيهما.
ثم الطعن في الأنساب وما أكثره، فتجد الغمز والهمز والإشارات والإيماءات والتلميحات أن هذا ليس ابن فلان، كيف؟ أما علمتم أن هذا يترتب عليه حد القذف، وأن الحدود تدرأ بالشبهات، وأن مثل هذا لا يثبت إلا بأربعة شهود رأوا ذلك عيانًا بيانًا، لكن الألسن تنطلق بالقذف، وصدق النبي ﵊: (وهل يكب الناس على مناخرهم يوم القيامة في النار إلا حصائد ألسنتهم)، وقال ﵊: (من صمت نجا)، أي: من صمت عن الشر نجا، ولا يحل لأحد أن يسكت أو يصمت عن الشر، وإنما لا بد من تغييره، كما روى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري ﵁: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) فلا يحل السكوت عند رؤية المنكر، كما لا يحل الكلام في معصية الله ﷿.
ثم الاستسقاء بالنجوم، فقد روى الشيخان في صحيحيهما أن النبي ﷺ قال عن رب العزة: (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، أما من قال: مطرنا بنوء كذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب، ومن قال: مطرنا بفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب).
وأنتم تعلمون تلك الهيئة التي أرصدت وخصصت لمعرفة ذلك، فتجزم أن المطر ينزل في الساعة الفلانية وينتهي في الساعة الفلانية، وأن موجة الحر وموجة البرد تكون كذا، وغير ذلك مما هو من ضروب السحر، ولا مجال للمخاصمة في هذا الأمر؛ فإن هذا شيء من الاستسقاء بالنجوم لا بأس أن تكون الدراسة فيه من باب الاستئناس، أما أن تكون عقيدة ترسخ في القلوب والأذهان فلا وألف لا.
والنياحة أيضًا من أمر الجاهلية، وهي أن تقول المرأة لفقيدها: يا رجلي! يا سبعي! يا جملي! من لنا بعدك؟! فما الذي يمنع الناس أن يصححوا عقائدهم في الله ﷿؟!
3 / 11