إن مشاغل النساء في الحمام عديدة؛ فهناك يجتمعن لينظفن أجسادهن بكيس من الشعر الناعم، ويضعن على رءوسهن الحناء لتصبح شعورهن ملساء، ثم يدلكن أجسادهن بمادة لزجة ممزوجة بماء الورد، وأخيرا يتمشطن ويصففن شعورهن ذوائب ذوائب. ولما كن يعتبرن أنفسهن عائلة واحدة على الرغم من تعدد الأشخاص، فإن هذه العمليات - لكل منهن على حدة - تستغرق الوقت الطويل.
وفي الحمام يشتد هذر النساء ولغوهن؛ فهناك يلقن بعضهن بعضا ما حفظنه من حاضناتهن اللواتي كن يدلكن أجسادهن ويغسلنها.
تتألف حمامات الشرق من ردهات واسعة معقودة بالحجر ، تعلوها قباب تطل منها كوى صغيرة مدورة لتستقبل ضوء النهار. إن هذه الحمامات لا تعرف الهواء مطلقا؛ لأن كل نافذة منها مجهزة بعدسة من الزجاج.
ومن نزه النساء أيضا زيارة المدافن؛ فهي موضوع تسليتهن، بل الطريقة الوحيدة التي تسهل لهن مغادرة المدينة واستنشاق هواء الجبل. وهن لا يحجمن عن استغلال هذا الظرف جهدن، عندما تسمح لهن الحال بذلك؛ يجتمعن حلقات حلقات حول أضرحة عائلاتهن يتحدثن أو يصلين، بينما يقوم أحد الشيوخ - وهو عادة أعمى - بتلاوة آيات القرآن عن نفس المرحوم.
يؤكد البعض أن النساء يقمن في أثناء هذا الطواف بين القبور بالتقاءات لا تكون في أكثر الأحيان بريئة. وإذا لم يجدن الأشخاص الذين يرغبن في رؤيتهم أو لم يتمكن من مخاطبتهم، فإنهن يعبرن عن عواطفهن وأفكارهن بترك باقة زهر ذات رمز على ضريح الراحل العزيز.
إن طريقة التفاهم بالحركات تؤدي إلى خلق مثل هذه البدعة، وهي ضرورية نظرا للافتقار إلى معرفة الكتابة؛ فبها يستطاع التعبير عن كل قصد ورغبة في أصغر حجم ممكن. إن الأزهار والثمار هي دعامة هذا التفاهم بلا كلام.
يقول السيد روبنسون: إن الحب عند الشعب الإسلامي هو شعور مجهول
2
تقريبا؛ لأن الجنسين لا يختلطان أبدا.
إن السائحين القدماء لا يؤيدون هذا الزعم الذي يشاركهم فيه السياح المحدثون؛ نظرا لفساد وانحطاط العادات والعرف الناتجين عن ضعف الحاكم العثماني الظالم.
अज्ञात पृष्ठ