إن مؤسسة تجارية كهذه يجب أن تقوم بإنشاء مدينة صناعية. وعندما يساهم فيها جميع أصحاب المعامل فسوف يقوونها وينشطونها لأنها لن تفتقر إلى بضائع اهتم أصحابها بترويجها عن هذه الطريقة.
وهنالك قاعدة يجب أن يتبعها تجارنا؛ إنها تنحصر في أن لا يقرضوا شيئا السلطات المحلية وألا يبيعوها شيئا - مهما تكن قيمته متدنية - لقاء دفع مؤجل، ما لم يقدم الشاري كفيلا مليا يقدم بدوره ضمانة وافية، ومن يعمل خلاف هذا في بلاد تكثر فيها - ويا للأسف - الحوادث الاستثنائية يعرض مصالح العملاء للخطر. وقد بحثت هذه الفكرة بإسهاب في مذكرة هي بين يدي،
4
وهاكم ما جاء فيها:
اتبعت هذه القاعدة اتباعا دقيقا في وقت ما، فتجارنا لم يكونوا يبيعون إلا في محلاتهم، كما أنهم لم يوردوا قط على حسابهم الخاص. أما تجار دمشق والمحلات الأخرى في سوريا فكانوا يهبطون الأساكل ليقوموا بابتياعاتهم، أو إنهم كانوا يشترونها بواسطة أناس يتقاضون عليها عمولة؛ ولهذا لم يكن خطر في الدفع، ولا مشادات حول الأسعار، ولا مخاطر في التوريد.
إلا أن كلب الجشع، والمحسدة البغيضة، والرغبة الملحة في القبض سلفا، وأخيرا الفوضى في النظام؛ أنست - لبضع سنوات خلت - هذه الطريقة الحكيمة؛ وهكذا سارع كل واحد ليقوم بالعرض، فالإغراء على القبول، فالتوريد. أخذ الشرقي بادئ ذي بدء - وهو داهية دقيق متمسك بتجارته - يجس باحتراس مثل هذه العروض، وأخيرا حملهم على أن يرجوه، ثم انتهى بفرض أسعار البضائع وشروط الدفع؛ فنتجت عن مثل هذه التصرفات المغفلة خسائر جسيمة لحقت بالأمة. كان من المتوجب على تجارنا أن لا يخطئوا الاعتقاد بأن منتوجاتهم - وهي أهم ما يحتاج إليه هذا البلد - يمكن أن تطلب وتنفق دائما.
5
كان الاتجار مع إنكلترا عن طريق أزمير وليفورنا؛ فكان العرب يستوردون منها المنسوجات والقطن المغزول الذي يحتاجون إليه في قليل من الأعمال. غير أن تجارة هذا الصنف ازدادت بمعدل 10 / 1 عندما خصها التجار الإنكليز عام 1831 بكل النشاط الذي كانت تتطلبه؛ وهكذا بلغت قيمة القطن الإنكليزي المغزول المورد إلى سوريا، ابتداء من عام 1833، مبلغا ضخما قدره 6274700 فرنك.
إن الأنسجة البيضاء المصبوغة والموشاة ظلت تتمتع برواج عظيم، وأظن أن السبب الأساسي في ذلك يعود إلى البؤس العام وغلاء الحرير واليد العاملة؛ وهذه العوامل مجتمعة جعلت الأنسجة الأجنبية في متناول جميع الطبقات غنية كانت أو فقيرة. أضف إلى ذلك الزي (الموضة)؛ فقد ساعد على رواج الأقمشة التي هي أكثر زركشة وألوانا لماعة من غيرها كالتي يحبها الشرقيون.
هذا فيما يتعلق بالأنسجة المنقشة والأنسجة القطنية والكوفيات. أما فيما يتعلق بالأقطان المغزولة والخام والأنسجة البيضاء القطنية فأسبابها ليست كتلك.
अज्ञात पृष्ठ