बयना जज़्र व मद्द
بين الجزر والمد: صفحات في اللغة والآداب والفن والحضارة
शैलियों
لقد صودرت «المحروسة» في أول عهدها - كما يقول العارفون - يوم أن كانت ميدانا لأقلام أثارت الشرارة الأولى التي صارت في النفوس يقظة، وفي الأذهان نورا؛ أعني: جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده. كما امتزج اسمها بأسماء: سليم نقاش، وأديب إسحق، وعبد الله نديم وسواهم من كبار الأدباء والشعراء. ومن هذه الأسماء وهذه الأفكار تألف متحفها الذي تستعرض اليوم محتوياته، وقد حملت علاماتها الثلاث أوسمة خليقة بصحيفة وسمها أولئك العظماء بوسم المجد والبقاء. •••
أصبحت مصر كعبة العالم العربي وحاضرته المعنوية، فما لاح فيها نور إلا استضاءت به الأقطار الأخرى، ولا مضت في أرجائها صيحة إلا اهتزت لها القلوب، ولا ظهر فيها أسلوب جديد في الأدب والاجتماع والسياسة، إلا نظر فيه الآخرون باهتمام ومالوا إلى تحديه قائلين: «أليس إن مصر فعلت ذلك؟!»
صرفت شهور الصيف المنصرم في سوريا ولبنان، فكانت أكثر أحاديثنا اليومية تدور على مصر ويقظة مصر.
يمطرني السوريون الأسئلة فأحدثهم عن ظرف مصر وأدبها وطربها وذكائها، أحدثهم كيف أن مصر التي طالما صوروها صاغرة خانعة كالتماثيل الجاثية عند قديم الأضرحة - قد هبت اليوم موفورة الشباب والنبل والشهامة.
أحدثهم بخشوع وتحنان عما رأيت وسمعت وعرفت؛ فأرى الخشوع مني والتحنان قد انتقل إلى السامعين، فجال في عيون النساء دموعا، وبدا في وجوه الرجال تأثرا، فأدرك عندئذ أن مصر أصبحت مطمح الأنظار وموضوع الإعجاب.
ولئن كان هذا مما يبعث في مصر عاطفة الاغتباط والفخار، فهو كذلك يلقي عليها مسئولية كبيرة؛ لأن في الإعجاب تشجيعا ووازعا وإيماء إلى المنهج القويم الذي يتحتم السير فيه نحو العلى.
ولا يساق السائر في مثل هذا المنهج بدافع الغرور والمباهاة؛ إذ لا مباهاة ولا غرور مع المسئولية، فالمسئولية صارمة تثقف الذات القومية والذات الفردية، غير ملاينة ولا مهادنة، وهي من أكبر البواعث على نفض دثار الخمول وتكوين صفات النبل والكرامة في النفوس الموهوبة.
عيشي يا مصر المحروسة أهلا لإعجاب يتحول عندك مسئولية وكرامة، فترسلينه إلى الأقطار الشرقية وحيا وإنعاشا وقدوة جميلة!
الحياة أمامك1
الحياة أمامك، أيتها المصرية الصغيرة، ولك أن تكوني فيها ملكة أو عبدة: عبدة بالكسل، والتواكل، والغضب، والثرثرة، والاغتياب، والتطفل، والتبذل. وملكة بالاجتهاد، والترتيب، وحفظ اللسان، والصدق، وطهارة القلب والفكرة، والعفاف، والعمل المتواصل.
अज्ञात पृष्ठ