बीच धर्म और दर्शन
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
शैलियों
وفي هذين الكتابين الأخيرين لم يتعرض بأصالة لمسألة التوفيق بين الدين والفلسفة وبيان العلاقة بينهما، هذا الغرض الذي هو الغرض الوحيد من رسالة «فصل المقال».
وإذن، كما يقول الأستاذ «جوتييه» بحق ينبغي إذا أردنا التوفيق بين تلك النصوص جميعها، أن نؤول نصوص المناهج والتهافت لتتفق مع ما تدل عليه رسالة «فصل المقال» التي فصل فيها الغرض والمنهج الذي سيسير عليه.
وإذا كان الأمر ينبغي أن يكون هكذا، كان من الحق أن نقرر أن ابن رشد بقي أمينا دائما وصادقا في نزعته العقلية، ومن الدلائل على هذا أن رأيه في النبوة والمعجزات يتفق - كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق - مع رأي ابن سينا الذي عرضناه من قبل.
إنه يذكر أن النبوة حادث طبيعي تماما، وأن الوحي يكون عن الله بتوسط ما يسمى عند الفلاسفة «العقل الفعال وعند رجال الشريعة ملكا.»
55
كما يذكر في أثناء رده على الغزالي فيما حكاه عن الفلاسفة، أو بعبارة أدق عن ابن سينا في هذه المسألة، أن المعجزة أمر ممكن في نفسه يتفق والعقل وقوانين الطبيعة، وأن ما ذكره ابن سينا من الأسباب التي تنشأ عنها ممكن وجائز، وأن ليس كل ما يكون ممكنا في طبعه يقدر أن يفعله الإنسان، بدليل الحس والمشاهدة والواقع، فيكون إتيان النبي بأمر خارق أي معجزة ممكنا في نفسه، وإن كان ممتنعا على الإنسان، وليس يحتاج في ذلك أن نقرر أن الأمور الممتنعة في العقل ممكنة في حق الأنبياء.
56
وهكذا لم يحد ابن رشد عن نزعته العقلية في هذه المشكلة الخطيرة، ولا يلوم ابن سينا على ما ذهب إليه فيها؛ لأن له رأيا يخالفه، بل لأنه صرح بهذا الرأي للعامة الذين لا تصلح لهم التعاليم التي تصلح للخاصة وحدهم، وبذلك خالف الفلاسفة القدماء (أي اليونان) الذين لم يتكلم أحد منهم في المعجزات مع انتشارها؛ لأنها من المبادئ العامة للشريعة التي يجب أن يعاقب الفاحص عنها والمشكك فيها.
57
وبعد أن فهمنا نظرية فيلسوف الأندلس في النبوة والمعجزات، نرى أن النصوص التي جاءت في المناهج والتهافت موهمة أنه صار غير عقلي، فهو يجعل الوحي فوق العقل، ويتبع هذا لذاك، أراد بها - كما يقول بحق الأستاذ جوتييه
अज्ञात पृष्ठ