बीच धर्म और दर्शन
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
शैलियों
96
كما كان الواحد منهم إن خشي على نفسه أميرا من الأمراء انتقل عنه إلى غيره، ومن مثل هذا ابن سينا.
97
ويضاف إلى هذا وذاك أن الدولة العباسية كانت مختلفة العناصر: دينا وجنسا وثقافة، وذلك ما يجعل الفلاسفة فيها أكثر جرأة وأمنا؛ إذ تجد آراؤهم بيئة مناسبة هنا أو هناك.
98
كل هذه العوامل لا تجعل - على ما نرى - الفيلسوف في المشرق في حاجة ماسة للتوفيق قبل كل شيء بين الشريعة والحكمة، ولا لأن يخصص لذلك مؤلفا من مؤلفاته، بعكس ما كان عليه الحال في المغرب الإسلامي، تحت حكم المرابطين أولا والموحدين ثانيا، في بيئة مليئة بالتعصب ضد كل من أجاز لنفسه شيئا من حرية التفكير، وإن كان من رجال علم الكلام كالإمام الأشعري! وضد كل عالم له آراء تخالف ما ألفوه وإن كان الغزالي الخصم اللدود للفلاسفة!
في بيئة يبلغ فيها التعصب ضد التفكير الحر درجة تجعل بعض الأمراء يوقعون - طلبا لمرضاة رجال الدين والشعب - بمن كانوا يحمونهم ويشاركونهم في دراسة الفلسفة أحيانا، كما حصل لابن باجة وابن رشد.
لا عجب إذن إن رأينا الفلاسفة في المغرب يعنون قبل كل شيء بالعمل على التوفيق بين الإسلام والفلسفة، ويخصص الواحد منهم بعض مؤلفاته لهذا الغرض؛ وذلك ليأمنوا على أنفسهم وليحببوا الفلسفة للناس جميعا ببيان أنها والدين من منبع واحد، ويعملان لغرض واحد، هو خير الإنسانية العام.
والآن ننتقل للقسم الثاني من البحث، ونبدأ بالحديث عن فيلسوف قرطبة لنعرف أولا كيف تصور العلاقة بين الوحي والعقل، وعلى أي أساس تقوم، فذلك في رأينا حجر الزاوية في محاولته التوفيق بين هذين الطرفين المتباعدين في بادئ الرأي، والقريبين جدا بعضهما من بعض حسب الواقع على ما يرى.
القسم الثاني
अज्ञात पृष्ठ