बीच धर्म और दर्शन
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
शैलियों
وكذلك يمضي في هذا التمثيل؛ ليصل إلى أن العالم محتاج في وجوده ودوامه لوجود الله؛ فلو ارتفع لارتفع، وأن الأمر ليس بالعكس، فلو ارتفع العالم لم يرتفع الله، كما هو الحال بالنسبة للواحد والأعداد الموجودة به.
ومعنى هذا «أن وجود الله وجود مطلق؛ لأنه لا يحتاج في وجوده إلى غيره، ووجود الموجودات كلها وجود مضاف؛ لأن وجودها مقتبس من وجوده وفائض عنه.»
74
أو بعبارة أخرى، إن سريان الوحدة من الباري تعالى - التي بها قوامه وتميزه عن سواه - للأشياء هو الذي كونها، وأفاض الوجود على مراتبها وصير بعضها عللا لبعض، وهو تعالى علة وجود الجميع؛ ولذلك سموه علة العلل، والفاعل المطلق والفاعل بالحقيقة؛ لأن فعل غيره إنما هو فعل بالمجاز.
75
هكذا في هذه الناحية يرى البطليوسي أنه قد وفق بين الشريعة والفلسفة، وذلك بالقول بالله الخالق للعالم من لا شيء، وإن كان ذلك بطريق العلية المباشرة لأول موجود وغير المباشرة للموجودات الأخرى، وكذلك بذهابه إلى أن القول بحدوث العالم عنه لا يقتضي تقدم الله عنه بالزمان، كما هو الأمر بالنسبة للواحد ما وجد عنه من الأعداد الأخرى، وذلك ما لا يستطيع أحد أن يقول بخلافه، ما دام أن الله هو العلة الأولى لوجود العالم، والعلة لا تتقدم على معلولها بالزمان.
علم الله وشموله
وهنا نرى البطليوسي ينقد من ذهب - كالفارابي - إلى أن الله لا يعلم غيره، أو أنه يعلم غيره من الموجودات على نحو كلي لا جزئي، كما ذهب إليه ابن سينا مثلا، وهؤلاء وأولئك يستندون إلى قول الفلاسفة القدامى: «إن الله لا يعلم إلا نفسه.» وهذا الفهم لهذه القولة يصفه البطليوسي بأنه جهل وسوء تأويل لكلام القدامى، وأنهم براء مما توهم هؤلاء عليهم.
وبعد أن اجتهد في شرح هذه العبارة المأثورة على أربعة أوجه، وكل منها ينتهي إلى هذا المبدأ: إذا علم الله نفسه فقد علم كل وجود تابع لوجوده، أخذ في التدليل على أن الفلاسفة قد أرادوا بذلك أن الله عالم بكل شيء؛ لأنه عقل مجرد عن المادة التي تمنعنا من إدراك الأشياء، وينتهي من ذلك إلى إبطال ما ذهب إليه كل من الفارابي ومتبعيه وابن سينا ومتبعيه.
وأخيرا يستند في مناقشته لهذه المذاهب إلى ما جاء في القرآن من آيات تثبت علم الله الشامل لكل شيء، كبيرا كان أو صغيرا، وكليا كان أو جزئيا، مؤكدا أن ما جاء في هذه المسألة من الأقوال المأثورة عن الفلاسفة القدامى يطابق ما ورد في الشريعة.
अज्ञात पृष्ठ