बीच धर्म और दर्शन
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
शैलियों
والسجستاني يذكرنا برأيه هذا رأي «سبينوزا» الذي سنتناوله بشيء من البسط عند الكلام عن العلاقة بين الوحي والعقل عند ابن رشد، وذلك حين يذهب صاحب «الأخلاق » إلى أن الغاية من الفلسفة هي الحقيقة، والغاية من العقيدة هي الطاعة والتقوى؛ ولهذا ينبغي فصل كل منهما عن الأخرى.
52
ولكن السجستاني يرى على الضد من «سبينوزا» أن الدين حق مثل الفلسفة؛ ولهذا نجده يقول في موضع آخر: «إن الفلسفة حق، ولكنها ليست من الشريعة في شيء، والشريعة حق، ولكنها ليست من الفلسفة في شيء.» وذلك بأن الفلسفة مصدرها العقل، والدين مصدره الوحي، وليس فيه «لم» ولا «كيف» إلا بمقدار ما يشد أزره؛ ولهذا الاختلاف في المعين والطبيعة، يجب عدم خلط أحدهما بالآخر، وكل من حاول رفع هذا فقد حاول نفي الطباع وقلب الأصل وعكس الأمر، وهذا غير مستطاع.
53 •••
وبعد، هكذا رأينا السجستاني يوجب الفصل بين الشريعة والفلسفة، وأنه لم يكن يعنيه أو يرضيه أن يخلط بينهما أو أن يعمل على التوفيق بينهما بإتباع إحداهما للأخرى، كما لم يحاول - كالفارابي مثلا - تفسير العقائد الدينية تفسيرا نفسيا وعقليا؛ ليكون ذلك وسيلة للتوفيق، بل إنه جعل لكل من هذين الطرفين المختلفين طبيعة ووسيلة وغاية، طائفة خاصة من الناس بها تصل إلى السعادة. (1-4) مسكويه
ننتقل الآن إلى الحديث عن فيلسوف آخر جاء به الزمن بعد الفارابي، وإن كانت شهرته بالفلسفة العملية (الأخلاق) أكبر من شهرته بالفلسفة النظرية الإلهية، ومع هذا فإن له من الجهد في محاولة التوفيق بين الحكمة والشريعة ما يجعلنا نذكر كلمة عنه قبل أن نصل إلى تلميذ الفارابي الأشهر، نعني به ابن سينا أو الشيخ الرئيس.
وهذا الفيلسوف هو «مسكويه» أبو علي أحمد بن يعقوب، الذي جمع بين علوم اللغة والتاريخ والطب، والذي كان ذا حظوة لدى السلطان عضد الدولة بن بويه حتى جعله صاحب خزائنه، وقد توفي عام 421ه كما يقول حاجي خليفة وياقوت، أو عام 420ه كما يذكر القفطي.
54
وقد وافق مسكويه الفارابي في بعض النقط الجوهرية في تفكيره؛ لأنه نهل معه من معين واحد وهو الفلسفة اليونانية، وإن كان ميله إلى الكندي أكثر كما يقول دي بور.
55
अज्ञात पृष्ठ