बीच धर्म और दर्शन
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
शैलियों
على أن الغزالي أراد بعد هذا إلزام الفلاسفة بأن يقروا بما جعلوه محالا من صدور حادث عن قديم، إنه يقول بأنه من المعروف والمتفق عليه؛ لأنه مشاهد أن في العالم أمورا حادثة تجد آنا فآنا، وهذه الأمور لها بلا ريب أسباب تصدر عنها، وإذن هذه الأسباب إن كانت آخر الأمر حادثة كان معناه الاستغناء عن الخالق القديم، وإن انتهت إلى هذا الخالق كان معنى صدور الحادث عن القديم، فلم لا يكون الأمر هكذا بالنسبة للعالم.
53
وهنا يرى ابن رشد - كسائر أنصار القول بقدم العالم مثل الفارابي وابن سينا - أن هذه الأمور الحادثة تنتهي آخر الأمر إلى سبب قديم، ولكنها حادثة الأجزاء أزلية الجنس، فلا يلزمنا القول بصدور حادث بجنسه عن القديم.
54
وهذا الغموض الذي نجده عند فيلسوف الأندلس في هذا الجواب، يوضحه البغدادي حين يشرح مذهب أنصار قدم العالم في كيفية صدور الحادث عن القديم.
إنه يقول في هذا الصدد بأن القديم بذاته يوجد أزلا حركة مستمرة، وباستمرار هذه الحركة تكون الحوادث التي يجيء بعضها بعد بعض عن أسباب قديمة، حادثة السببية بحركاتها التي تتجدد منها كل آن حالة تصير سببا لحادث، وذلك مثل الشمس التي بذاتها القديمة لا يجب عنها النهار والليل والفصول الأربعة، بل إن ذلك يحدث عنها بسبب حركتها الطولية والعرضية.
55
وفي رأينا أن هذا وذاك يرجع إلى ما هو معروف من أن الفلاسفة حين قالوا بقدم العالم أرادوا قدم بعضه، أي: أرادوا فقط قدم العقول السماوية، والنفوس الفلكية، والأفلاك بذواتها دون حركاتها، والعنصريات بمادتها لا بالصور التي تطرأ عليها، وبهذا يكون لا مانع في رأيهم أن يصدر حادث عن قديم من هذه الأشياء، لا عن قديم هو الله سبحانه وتعالى. (2)
وبعد هذا الدليل الذي ذكره الغزالي في تهافته للفلاسفة، للاستدلال به على ما يرون من قدم العالم، وبعد ما عرفنا ما ثار عليه من اعتراضات وإجابات على هذه الاعتراضات، ذكر كذلك دليلا ثانيا ثم أخذ في الرد عليه.
وهذا الدليل يتلخص في أن تقدم الله تعالى عن العالم إما أن يكون بالعلية فقط، فيكون العالم قديما مثله لتلازم العلة والمعلول في الزمان، أو يكون تقدم الله عن العالم بالزمان، فيكون إذن قبل العالم زمان قديم كان الله فيه دون العالم، وإذا كان الزمان قديما وجب قدم الحركة التي لا يفهم إلا بها، ومن ثم وجب قدم المتحرك بها أيضا.
अज्ञात पृष्ठ