बीच धर्म और दर्शन
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
शैलियों
22
وإن العقل نفسه كما يذكر فيلسوفنا يقضي بنفي صفات النقص هذه وأمثالها عن الخالق، وإلا لما بقي العالم حتى الآن موجودا لا يعتريه فساد أو اختلال،
23
على أن الله قد أشار إلى هذا أيضا في القرآن إذ يقول (سورة فاطر: 41):
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده . (ب)
وإذا كان الأمر صار سهلا بالنسبة إلى نفس المسائلة، أي: بلا خلاف من أحد من رجال علم الكلام، فإنه ليس كذلك في صفة الجسمية بالنسبة لله تعالى، وهنا يبدأ ابن رشد الحديث عن هذه المشكلة بقوله: «إنه من البين من أمر الشرع أنها (أي: صفة الجسمية) من الصفات المسكوت عنها، وهي إلى التصريح بإثباتها في الشرع أقرب منها إلى نفيها، وذلك أن الشرع قد صرح بالوجه واليدين في غير ما آية من الكتاب العزيز، وهذه الآيات قد توهم أن الجسمية هي له من الصفات التي فضل فيها الخالق المخلوق، كما فضله في صفة القدرة والإرادة وغير ذلك من الصفات التي هي مشتركة بين الخالق والمخلوق، إلا أنها في الخالق أتم وجودا؛ ولهذا صار كثير من أهل الإسلام إلى أن يعتقدوا في الخالق أنه جسم لا يشبه سائر الأجسام، وعلى هذا الحنابلة وكثير ممن تبعهم.»
24
ولكن فيلسوف الأندلس أبعد بفلسفته من أن يذهب إلى أن الله تعالى جسم على أي وجه كان، غير أنه يرى - كما ذكر بعد ما تقدم نقله عنه آنفا - أن الواجب في هذه الصفة أن يجرى فيها على منهاج الشرع؛ فلا يصرح فيها بنفي أو إثبات، ويجاب من سأل في ذلك من الجمهور بقوله تعالى:
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وينهى عن هذا السؤال.
وفيلسوفنا حين يوجب السكوت عن نفي صفة الجسمية وإثباتها، يصدر في رأيه هذا عن أسباب لها تقديرها، إنه يرى أن إدراك هذا المعنى ليس في طاقة الجمهور، بدليل الطريق التي سلكها المتكلمون في نفيها، وهي مع هذا ليست برهانية، ولأن الجمهور يرون أن الموجود هو المتخيل والمحسوس وأن ما ليس كذلك فهو عدم، فإذا قيل لهم بأن الله ليس جسما لم يستطيعوا تصوره وصار عندهم من قبيل المعدوم، ولأنه لما صرح بنفي الجسمية عرضت في الشرع شبهات وشكوك كثيرة فيما جاء في القرآن والحديث خاصا برؤية الله، ونزوله إلى السماء الدنيا كل ليلة جمعة، ومجيئه يوم الحشر بين الملائكة، ونزول الوحي عنه من السماء، وصعود الملائكة والروح إليه، إلى كثير من نحو هذا.
अज्ञात पृष्ठ