فهمس من فوره: ما رأيته أعيب! - اخرس. - رأيت أبلة عائشة وسي خليل يجلسان على الشيزلنج ... وهو ...
فلكزته في كتفه بشدة حتى أمسك ثم همست في أذنه: يجب أن تخجل مما تقول، لو سمعك أبوك لقتلك.
ولكنه قال بإصرار وبلهجة من يشعر بأنه يكشف لها عن حقيقة لا يمكن أن تتصور هي وقوعها: كان يتناول ذقنها بيده ويقبلها.
ولكزته مرة أخرى بقسوة لم يعهدها من قبل، فأدرك أنه أخطأ حقا وهو لا يدري وسكت خائفا، ولكنه عندما كانا يقطعان فناء البيت المظلم متأخرين عن بقية الأسرة - وقد تخلفت عنهما أم حنفي لتسك الباب وتضببه وتترسه - ألح عليه ما يكابد من حيرة ورغبة في الاستطلاع، فخرج من صمته وخوفه وسألها برجاء: لماذا يقبلها يا نينة؟
فقالت له بحزم: إذا عدت إلى هذا أخبرت والدك!
41
آوى ياسين إلى حجرة النوم، وهو على حال من السكر شديدة، ما كاد يخلو إلى فهمي ويأمن الرقباء - سرعان ما غط كمال في نومه عقب وضع رأسه على المخدة مباشرة - حتى جمحت به رغبة في العربدة كرد فعل للجهد العصبي الذي بذله طوال السهرة، خاصة في طريق العودة، كيما يضبط نفسه ويسيطر على سلوكه، ولكنه وجد الحجرة أضيق من أن تتسع لعربدته فمال إلى التنفيس عن صدره بالكلام، فنظر نحو فهمي وهو ينزع ملابسه وقال ساخرا: قارن بين خيبتنا وبين براعة أبينا! ... حقا إنه لرجل.
وعلى رغم ما حرك هذا الكلام من ألم فهمي وحيرته، إلا أنه قنع بأن يقول وهو يرسم على شفتيه الممتعضتين شبه ابتسامة: البركة فيك فأنت نعم الخلف. - أيحزنك أن يكون والدنا من كبار القناصة؟ - وددت لو تمتد يد التغيير إلى صورته الماثلة في نفسي.
فقال ياسين وهو يفرك راحتيه في سرور: الصورة الحقيقية أبهى وأمتع، أعظم به من أب هو المثل الأعلى، آه لو رأيته وهو قابض على الدف والكأس بين يديه تزهر! عفارم ... عفارم يا سيد أحمد!
فتساءل فهمي في حيرة: وحزمه وتقواه؟!
अज्ञात पृष्ठ