فأجابتها لويزا بأن جلست إلى البيانو وأعادت الحلم.
ولما انتصف الليل عدت إلى منزلي لا أفكر في غير مشهد أولاد شيمين، والحلم، ولا أتصور غير أصابع لويزا تضرب على البيانو ...
الفصل الثاني عشر
رأيت أن تقاعدي عن زيارة الوطن بلغ الحد الأبعد، على حين أن باريس من افريه أقرب من قاب قوسين، فجئت البارون لأطلب منه عطلة، فأزور أهلي، فابتدرني بالحديث، وقال: قد أتاني اليوم كتاب من عمك يخبرني به أنه قادم إلى باريس في صباح غد فليطب قلبك يا مكسيم.
فذهلت لهذا الخبر، وقلت في نفسي: إن عمي مريض مقعد، لا يستطيع الحراك، فلو لم يكن هناك داع يدعوه إلى المجيء لما أتى، فهل علم الوشاة بما بيني وبين ريتا، فوشوا بي عنده فهو آت ليضع حدا بيننا أم له شأن آخر؟
ثم إن البارون استأنف الكلام فقال: أظنك لم تنس ما قلت لك يوم ولادة هنري، من أني سأختار له عرابا من أكابر الناس، يكون لطيفا محبوبا مزدانا بأحسن الصفات، وإني لا أرى أفضل من عمك؛ لذلك فسنعمد هنري، ويكون عمك عرابه، وتكون جونريت عرابته.
فقلت: أظن يا مولاي أن قدوم عمي لا يكفي، فإني أحب أمي مثل ما أحبه، فأجاب: إن عمك قد طلب إلي فرصة لك لتذهب إلى أمك التي أتعبها نواك، فتتمتع بك زمنا، وتنعم بلقاك، فأذنت لك بعطلة شهر.
فلعثمت له من عبارة الشكر ما لعثمت، وقلت: أرجو عفوك يا مولاي إذا قصرت في مدحك وشكرك، فإني أرى كل معاني الثناء قليلة بجانب استحقاقك، وكل آي المديح دون مقامك، فقال: ما كنت أشك بصدق ولائك يا مكسيم، غدا لا أذهب إلى المكتب، فبكر أنت إليه، وفض البريد، وأجب عليه بمقتضى الحال، ثم خف إلينا حيث نكون بانتظارك في البيت.
ولما كان ضحى الغد كنت قد تممت شغلي، فقصدت بيت فركنباك، وما هي إلا دقائق حتى كنت بين يدي عمي أقبله ويقبلني.
وبعد تبادل السلام والأشواق سألته عن أمي فقال بخير، وقد أذن لك البارون بشهر تصرفه في افريه عندها.
अज्ञात पृष्ठ