لم ألق إلى الموضوع أهمية كبيرة حقيقة، ولكني في نفس الوقت كنت قد صممت على أن أعود نفسي على النظر إليها كامرأة عادية، أعود نفسي على أن أنظر إليها كرجل، وأن يبدأ هذا في المقابلة القادمة حالا، ولنر ما يكون.
وجاءت سانتي.
وارتبكت كثيرا وأنا أستقبلها، وأنا حائر بين طريقتي التي اعتدت أن أنظر إليها بها وبين هذا القرار الذي اتخذته. غير أن قراري الجديد لم يدم طويلا، سرعان ما نسيته في غمرة انفعالي بوجودها. وكنت أحيانا أتنبه إليه وأحاول أن أنفذه فيحدث لإرادتي وعقلي ما حدث لخيالي، وأدهش وأعجب وأغضب، ولكني لا أستطيع إزاء الأمر شيئا.
ولاحظت شيئا على سانتي لم يكن موجودا، نوعا من الاستكانة أو شيئا يشبه هذا. كانت فيما مضى تأتي متفتحة نشطة يشع بريق الدنيا كله من جسدها وعينيها، فإذا بها في المرة الماضية وهذه المرة قد انتاب حركاتها بعض الكسل الأنثوي، وحالتها العامة فيها استكانة من نوع وافد غريب.
لاحظت هذا ولكني لم أكن متأكدا منه، ولو كنت متأكدا لتغير الوضع تماما. ولكن أنى لإنسان يحب أن يتأكد؟ إننا نرى الشيء حينئذ ولا نصدقه، أو نصدق أشياء لا نراها أبدا. وما نتخيله قد يكون لدينا أقرب إلى الحقيقة مما نلمسه، وما نلمسه قد نعتبره محض خيال. لم لا تكون هذه الاستكانة التي أحسها فيها مجرد إرهاق، خاصة وقد مضت تحدثني عن أمها المريضة، وكيف أنها لا بد لها من إجراء عملية جراحية في الرحم؟ وسمعت منها الحديث، ولكني للحظة واحدة لم أصدقه. لم أكن أتصور - أو على الأقل لم أكن أريد أن أتصور - أن سانتي إنسانة مثلنا لها أم ولها متاعب وأنها ابنة، وأنها كانت في المدرسة مثلا، وأنها تذهب إلى الحمام مثلما نذهب.
كان من الممكن أن تحدثني عن أشياء كهذه ساعات طويلة وساعات، ولكن كان لا يمكن أن يعلق بذهني شيء منها. وفجأة قلت لسانتي: أتذكرين؟
قالت: ماذا؟
قلت: ذلك اليوم؟
كنت قد فطنت إلى أنني يجب أن أبدأ خطتي، وكان لا بد أن أدور وألف لأصل إلى ما أريد، ولكني كنت أفعل هذا بجبن شديد، خائف خوف الموت أن أخطئ، ولو مجرد خطأ بسيط.
وأشاحت سانتي بوجهها حتى لا تلتقي عينانا، وقالت: أوه، أنت خبيث.
अज्ञात पृष्ठ