बयान सारिह
البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح
शैलियों
فصل قال في المواقف وشرحها ما لفظه: وللأصحاب في إبطال التحسين والتقبيح العقليين مسالك ضعيفة نذكرها ونشير إلى وجه ضعفها:
أحدها: من قال لأكذبن غدا، فإذا جاء الغد فكذبه إما حسن فليس الكذب قبيحا لذاته، وإما قبيح فتركه حسن مع أنه أي تركه يستلزم كذبه فيما قاله أمس ومستلزم القبح قبيح، فيلزم أن يكون هذا الترك حسنا وقبيحا معا وهو باطل، فتعين الأول وهو أن يكون قبح الكذب ذاتيا لانقلابه حسنا وهو المطلوب.
قلت: لا نسلم أن مستلزم القبيح قبيح؛ لأن الحسن لذاته قد يستلزم القبح فتعدد جهة الحسن والقبح وأنه غير ممتنع فيكون مثلا الكلام الواحد من حيث تعلقه بالمخبر عنه ما هو به حسنا ومن حيث استلزامه الذي هو الكذب الذي قاله أمس، ومثل ذلك جائز عند ..... القائلين بالوجوه والاعتبارات فلا ينهض هذا المسلك حجة عليهم، كما أن الوجه الثاني كذلك؛ إذ يتجه هناك أن يقال لم يختلف القبح عن الكذب بل هو قبيح باعتبار تعلقه بالمخبر عنه لا على ما هو به، وحسن باعتبار استلزامه العصمة والانجاء، وقد نبهناك على ذلك، أو يلتزم قبحه أي أقبح كلامه في الغد مطلقا؛ لأنه قبيح إما لذاته إن كان كاذبا، وإما لاستلزامه القبيح إن كان صادقا ونقول الحسن كالكلام الصادق فيما نحن فيه إنما يحسن إذا لم يستلزم القبيح، وأنت خبير بانقلاب الحسن إلى القبح إنما يأتي على القول بالوجوه الاعتبارية فضعف هذا المسلك إنما يظهر إذا جعل دليلا على بطلان مذاهب المعتزلة.
पृष्ठ 90