فالمقدمة القائلة بأن مرجح الفعل إذا كان صادرا عن فاعله لزم التسلسل غير صادقة في حقه تعالى، بل في حق العبد، وإلى ما قررناه أشار بقوله فمرجح فاعليته تعالى قديم وهو إرادته وقدرته المستندتان إلى ذاته تعالى إيجابا المتعلقات بالفعل في وقت مخصوص.
فإن قلت: مع ذلك المرجح القديم إن وجب الفعل انتفى الاختيار، وإلا جاز أن يصدرمنه الفعل تارة ولا يصدر أخرى فيكون اتفاقيا كما مر في العبد.
قلت: لنا أن نختار الوجوب ولا محذور؛ لأن المرجح الموجب إرادته المسندة إلى ذاته بخلاف إرادة العبد فإنها مسندة إلى غيره، فإذا كانت موجبة لزم الجبر فيه قطعا وقد مر هذا مرة مع الإشارة إلى ما فيه من شائبة الإيجاب، وقد ذكرنا كلامه ونقلناه ليعرف الناظر ما آل إليه كلامه من قوله في الوجوب عن السؤال.
قلت: لنا أن نختار الوجوب ولا محذور... إلى آخر كلامه، فقد التزم نفي الاختيار في أفعاله تعالى الله من ذلك علوا كبيرا، وكيف يقول أنه لا محذور وقد التزم نفي اختيار الباري، فإذا لم يكن هذا محذورا فأي محذور سواه؟ وقد قال في العضد: إن القول به كفر كما تقدم، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
पृष्ठ 69