وقال: {أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون} وقال: {ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين} فأخبر تعالى أنما قدمت أيديهم قبل البعثة سبب لإصابتهم بالمصيبة وأنه سبحانه لو أصابهم بما يستحقون من ذلك لاحتجوا عليه بأنه لم يرسل إليهم رسولا وينزل عليهم كتابا، فقطع هذه الحجة بإرسال الرسل وإنزال الكتاب لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وهذا صريح في أن أعمالهم قبل البعثة كانت قبيحة بحيث استحقوا أن تصيبهم بها المصيبة، ولكنه سبحانه لا يعذب إلا بعد إرسال الرسل كما قال: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} فالقبح ثابت للفعل بنفسه ولا يعذب الله عليه إلا بعد إقامة الحجة بالرسالة، وقال حاكيا عن إبراهيم: {لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين} وقال: {أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم، أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون} وكل رسول يبعث إلى أمة فقد دعاهم إلى التوبة والاستغفار مما كانوا عليه من الضلال وقبيح الأعمال، قال في نبينا صلوات الله عليه: {الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير، ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير، وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} وكرر هذه الدعوة في جميع الأنبياء صلوات الله عليهم فقال في قوم هود: {وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } وقال في قوم صالح: {وإلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} وقال في إبراهيم: { سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا} وقال في قوم شعيب: {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود}وقال في قوم نوح: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا}.
पृष्ठ 40