قال: لأنا متى علمنا في شخص أنه عالم بقبح مقبحات وحسن محسنات ووجوب واجبات مع ما تقدم من العلوم التي ذكرناها علمناه عاقلا، وإن خطر ببالنا كل أمر يشار إليه ولهذا فإن الصبي متى لم يعلمه كذلك لم يعلمه عاقلا، والمجنون قد تحصل فيه العلوم التي تقدم ذكرها، ويتكامل في حقهما في كثير من الأحوال ولا يعدان في جملة العقلاء لما كانا غير عالمين بقبح قبائح وحسن محسنات ووجوب واجبات، ثم قال: وافترقت المجبرة فرقتين، فمنهم من كان يذهب إلى ذلك إلا أنهم يقولون بأن السمع لا يفارق العقل، وهؤلاء هم المتقدمون من النجارية والضرارية، وذهب المتأخرون منهم إلى أن ذلك إنما هو اعتقادهم أن جميع الأفعال من الله سبحانه فاستحال لذلك أن يعلموا القبح والحسن في الشاهد؛ لأنهما فرعان للأفعال ولو تأملوا لعلموا أن الجميع لو كان من فعل الله لم يكن بعضه حسنا وبعضه قبيحا.
وأما نفي الحسن والقبيح بالجملة، وقال: لا يعلمان عقلا ولا شرعا كما يذهب إليه بعض المتأخرين منهم فقولهم أظهر في البطلان وأبين في الاستحالة.
पृष्ठ 27