فصل فأما الدليل على أن العلم بحسن الإحسان والعدل والصدق، وقبح الإساءة والظلم والكذب حاصل بالضرورة فهو أنهم لا يخالفوننا في وجدان ما نجده في نفوسنا، بل يجدون ذلك في نفوسهم كما نجده نحن، وإنما يخالفون في أن ذلك الموجود في النفس هل هو علم أو غير علم؟ وهل هو علم ضروري أو مكتسب؟ وذلك مما يجوز اختلاف العقلاء فيه؛ لأن طريقه الاكتساب.
فأما من خالفنا في وجدان ذلك من نفسه فمخالفته بطريقة المكابرة والعناد، وبالقول لا بالاعتقاد، فلا اعتبار بمخالفته.
قال أبو عبد الله في (الكاشفة): وإن ذلك لا يوجد إلا نادرا من متعصب لأسلافه ومقلد لمشائخه.
قال السيد ط: الإنسان إذا رجع إلى نفسه عرف الفرق بين الظلم والعدل كما علم الفرق بين السواد والبياض، ويجد نفسه في العلم بهما على سواء.
قال: ولأنا نعلم أن الدهرية والملحدة يعرفون قبح الظلم والكذب كما يعرفون المشاهدات، فلو جاز أن يقال أنهم لا يعرفون هذه الأشياء لجاز أن يقال أنهم لا يعرفون المشاهدات.
قال في شرح (العقيدة المنصورية): وهم لا ينكرون المنهي الشرعي، بل ينكرون المناهي وهم يعلمون قبحها.
पृष्ठ 22