كثير مِمَّن لم يعرف لَهُ خبر وَلم يظْهر لَهُ أثر وفقد ضِيَاء الدّين عِيسَى وَأَخُوهُ الظهير وَمن كَانَ صحبتهم فضل الطَّرِيق عَنْهُم وَعَن جَمَاعَتهمْ وَكَانُوا سارين إِلَى وَرَاء فَأَصْبحُوا بِقرب الْأَعْدَاء فاكتمنوا فِي مغارة وَانْتَظرُوا من يدلهم من بلد الْإِسْلَام على عمَارَة فَدلَّ عَلَيْهِم الفرنج من زعم أَنه يدل بهم وسعى فِي أسرهم وعطبهم وأسروا وَمَا خلص الْفَقِيه عِيسَى وَأَخُوهُ الا بعد سِنِين بستين أَو سبعين ألف دِينَار وفكاك جمَاعَة من الْكفَّار عِنْده من أسار
وَمَا اشتدت هَذِه النّوبَة بكسرة وَلَا عدم نصْرَة فَإِن النكاية فِي الْعَدو وبلاده بلغت مُنْتَهَاهَا وَأدْركت كل نفس مُؤمنَة مشتهاها لَكِن فِي الْخُرُوج من تِلْكَ الْبِلَاد تشَتت الشمل وتوعر السهل وسلك مَعَ عدم المَاء وَالدَّلِيل الرمل وَانْقطع دون قطع الحبى بالوصول الْحَبل وقنص من ظلّ بِهِ الطَّرِيق الْأسر والكبل
وَمِمَّا قدره الله من أَسبَاب السَّلامَة وَالْهِدَايَة إِلَى الاسْتقَامَة استظهار الْأَجَل الْفَاضِل فِي دُخُول بلد الْأَعْدَاء باستصحاب الكنانية والادلاء وانهم مَا كَانُوا يفارقونه فِي الْغَدَاء وَالْعشَاء وَينْفق عَلَيْهِم وَيقوم بِكُل مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فهم يخدمونه ويتوفرون عَلَيْهِ فَلَمَّا وَقعت الْوَاقِعَة وصدمت القارعة خرج بدوابه وغلمانه وَأَصْحَابه وأدلائه والبائه وأثقاله وأحماله وَرِجَاله ورحاله وَبث أَصْحَابه فِي تِلْكَ الرمال والوهاد والتلال حَتَّى أَخذ خبر السُّلْطَان وقصده وأوضح بأدلائه جدده وَفرق مَا كَانَ مَعَه من الأزواد على المنقطعين وجمعهم فِي خدمَة السُّلْطَان أَجْمَعِينَ فسهل ذَلِك الوعر وأذهب الْفقر وَأنس بالأهل فعد الوحشة القفر وَأمن الذعر وجبر الْكسر وَغلب على خطْبَة الدَّهْر
3 / 41