قال الجار: أحسبهم كانوا مبتهجين لعلمهم بمن يخاطبهم.
قال القس: إنهم لم يعرفوا عنه شيئا قط، وكل ما عرفوه أنه رجل غني صاحب سيارة، واعتبروها حسنة منه - وهو القادر على الخطابة في «ألبرت هول» - أن يتنزل إلى الكلام مع بضعة أطفال مثلهم ليقول لهم إن الدنيا أكبر من قريتهم الصغيرة، وإنهم إذا أحبوا أن يزدادوا علما بها فعليهم أن يقرءوا كتبا شتى من قبيل رحلة الحاج
، ثم قرأ لهم صفحة وداعبهم فأضحكهم؛ لأنه كما تعلم ممثل مطبوع ولد للتمثيل!
ومضى القس يقول: وإنني لأستعيد ذلك اليوم فأذكر أنه لم يسألني قط عن نفسي، كأنه يشعر بأن أخوتي له أمر مفروغ منه، ولما عاد بعد ذلك كانت معه نخبة من النبات النادر، فقال إن زوجته كانت تحضرها بنفسها لو أنها عائشة، وقد كان من عادته أن يزور قبرها كل يوم، فيضع عليه نثارة من الزهر البسيط، وينثني راضيا.
ووصل إليه خطاب من ناظر مدرسة يستأذنه في اختصار روايته «جان دارك» لقراءة التلاميذ، فأخبر أصحابه أنه كتب إليه يقول: إنه لا يذكر في الرواية كلمة زائدة، وإن الأطفال إذا كانت قراءة كتبي بعد نضجهم ميسورة لهم، فالخير أن تبقى هذه الكتب بعيدا من المدرسة.
إن شكسبير - كما قلت للناظر - قد مسخوه بتحويله إلى موضوع من الموضوعات المدرسية، والدنيا لا ترضى أن تحطم عبقرياتها، فإن العبقرية لا تخلق كل يوم. وما قضت ثلاثمائة سنة في تكوينه - يعني المدة بين شكسبير وبينه - يستطيع ناظر المدرسة أن يفسده في يوم واحد.
فعارضه جاره وقال إنه على نقيض رأيه يعتقد أن شكسبير قد عاش لاحتضانه في المدارس.
فابتدره «شو» مؤكدا أنه بقي في هذه الأيام؛ لأنه هو قد أنحى عليه.
فعاد صاحبه يقول: حسن، ولكنهم يجعلون اليوم رواياتك موضوعا للأسئلة في الامتحانات.
عائد في موعد الغداء.
अज्ञात पृष्ठ